"وقد وصف الله تعالى نبيه بما" أي: بكمال "يرجع إلى قوته العلمية، بأنه" أي: ذلك الكمال "عظيم" والمعنى وصفه بكمال عظيم يرجع إلى قوته العلمية، "فقال: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} [النساء: ١١٣] الآية" من الأحكام والغيب، "وكان فضل الله" بذلك وبغيره "عليك عظيمًا"؛ إذ لا فضل أعظم من النبوة، "ووصفه بما يرجع إلى قوته العملية بأنه عظيم، فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤] الآية، فدلَّ مجموع هاتين الآيتين على أنَّ روحه فيما بين الأرواح البشرية عظيمة عالية الدرجة، كأنها لقوتها وشدة كمالها من جنس أرواح الملائكة"؛ إذ أعطاهم الله قوة في العمل لا تصل إليها البشر، وفي العلم ما يصلون به إلى معرفة حقائق الأمور في اللوح المحفوظ، أو الإلهام والعلم الضروري بمعرفة الأمور على ما هي به في الواقع، وكذلك كان -صلى الله عليه وسلم. "قال الحليمي: وإنما وصف خلقه بالعِظَم، مع أنّ الغالب وصف الخلق بالكرم؛ لأن كرم الخلق يراد به السماحة والدماثة" -بدال مهملة مفتوحة، ومثلثة- السهولة واللين، كما في النهاية وغيرها، وهو عطف مباين؛ إذ السماحة كثرة العطاء، والدماثة أعمّ، "ولم يكن خلقه -صلى الله عليه وسلم- مقصورًا على ذلك" المذكور من السماحة والدماثة، "بل كان رحيمًا بالمؤمنين، رفيقًا بهم، شديدًا قويًّا على الكفار، غليظًا عليهم مهيبًا" بزنة مبيع، اسم مفعول