للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت معارفة عظيمة, وخصائصه جسيمة، حارت العقول في بعض فيض ما أفاضه من غيبة لديه، وكلَّت الأفكار في معرفة بعض ما أطلعه الله عليه، وكيف لا يعطى ذلك وقد امتلأ قلبه وباطنه وفاض على جسده المكرم ما وهبه من أسرار إلهيته ومعرفة ربوبيته وتحقق عبوديته.

قال وهب بن منبه: قرأت في أحد وسبعين كتابًا، فوجدت في جميعها أنَّ الله تعالى لم يعط جميع الناس من بدء الدنيا إلى انقضائها من العقل في جنب عقله -صلى الله عليه وسلم- إلا كحبَّة رمل بين رمل من جميع رمال الدنيا، وأن محمد -صلى الله عليه وسلم- أرجح الناس عقلًا وأفضلهم رأيًا. رواه أبو نعيم في الحلية وابن عساكر.

وعن بعضهم مما هو في عوارف المعارف: اللب والعقل مائة جزء، تسعة وتسعون في النبي -صلى الله عليه وسلم, وجزء في سائر المؤمنين، ومن تأمَّل حسن تدبيره للعرب الذين هم كالوحش الشارد،....................................................


بالأشياء، "عظيمة" لمطابقتها للواقع دائمًا، بلا خلل فيها، ولا ميل عن الحق، "وخصائصه جسيمة" أي: عظيمة، فغاير كراهية لتكرر اللفظ "حارت العقول" لم تدر وجه الصواب "في بعض فيض ما أفاضه، من غيبه لديه، وكلَّت" تَعِبَت "الأفكار في معرفة بعض ما أطلعه الله عليه، وكيف لا يعطى ذلك، وقد امتلأ قلبه وباطنه إيمانًا وحكمة حين شُقَّ صدره، فأعطي ما لم يعط غيره، فالمفعول محذوف، "وفاض على جسده المكرَّم ما وهبه" مفعول لفاض لا لامتلأ، لأنه إنما يتعدَّى بحرف الجر، فمفعوله محذوف، كما قدرت، وفي نسخ، لما بلام التعليل، لامتلأ، وفاض، أي: وفاض آثار ذلك على جسده، لم وهبه الله، "من أسرار إلهيته، ومعرفة ربوبيته، وتحقق عبوديته".
"قال وهب بن منبه" -بضم الميم، وفتح النون، وكسر الموحدة- ابن كامل اليماني، التابعي، الثقة، روى له الشيخان وغيرهما: "قرأت في أحد وسبعين كتابا" من الكتب القديمة، وكان خبرها، "فوجدت في جميعها، أنَّ الله تعالى لم يعط جميع الناس من بدء الدنيا إلى انقضائها من العقل, في جنب عقله -صلى الله عليه وسلم، إلّا كحبة رمل بين رمل" كائن، أو الذي هو "من جميع رمال الدنيا" فالبينية تكون بين يسيرين، والمنسوب إليه جميع الرمال، "وأن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- أرجح الناس عقلًا، وأفضلهم رأيًا. رواه أبو نعيم في الحلية، وابن عساكر" وقال ابن عباس: أفضل الناس، أعقل الناس، وذلك نبيكم -صلى الله عليه وسلم، رواه داود بن المحبر، وعن بعضهم مما هو في عوارف المعارف: اللب والعقل مائة جزء، تسعة وتسعون في النبي -صلى الله عليه وسلم، وجزء في سائر المؤمنين" من أمته وغيرهم، "ومن تأمَّل حسن تدبيره للعرب، الذين هم كالوحش الشارد" النافر

<<  <  ج: ص:  >  >>