"ولما كان عقله -عليه الصلاة والسلام- أوسع العقول، لا جرم" أي: حقًّا "اتسعت أخلاق نفسه الكريمة، اتساعًا لا يضيق عن شيء", ولا جرم في الأصل بمعنى لا بُدَّ ولا محالة، ثم كثرت، فحولت إلى معنى القسم، وصارت بمعنى حقًّا، ولذا تجاب باللام نحو لا جرم، ولا فعلنَّ، قاله الفراء، كما في المصباح، "فمن ذلك اتساع خلقه العظيم، في الحلم والعفو مع القدرة، وصبره -عليه الصلاة والسلام- على ما يكره، وحسبك" أي: يكفيك في الدلالة على كماله في ذلك، "صبره وعفوه على الكافرين، المقاتلين، المحاربين له في أشد ما نالوه به" متعلق بقوله: صبره وعفوه، "من الجراح والجهد، بحيث كسرت رباعيته" اليمني السفلى -بفتح الراء، وخفة الموحدة- السن التي تلي التثنية، من كل جانب وللإنسان، أربع رباعيات، وكان الذي كسرها عتبة بن أبي وقاص، وجرح شفته السفلى، "وشج وجهه" شجه عبد الله بن قميئة "يوم أحد" حتى صار الدم يسيل على وجهه الشريف، فصار ينشفه، ويقول: "لو وقع شيء منه على الأرض لنزل عليهم العذاب من السماء"، "حتَّى شق ذلك على أصحابه شديدًا" غاية لقوله