وأما حديث جابر، ففي الصحيح أنه -صلى الله عليه وسلم- قال له: "لو جاء مال البحرين أعطيتك"، وفيه، فلم يقدم مال البحرين حتى مات -صلى الله عليه وسلم، فلا يعارض ما تقدَّم، بل المراد أنه قدم في السنة التي مات فيها؛ لأنه كان مال خراج أو جزية، فكان يقدم من سنة إلى سنة، "وسايره جابر" بن عبد الله في انصرافه من غزوة ذات الرقاع، كما رواه ابن إسحاق عن جابر، وفي البخاري أن ذلك كان في غزوة تبوك، وفي مسلم في غزوة الفتح، "على حمل له" كان قد أبطأ، فلا يكاد يسير، فأمره بإناخته، ونخسه نخسات بعصا، وضربه برجله، ودعا فوثب الجمل، فقال -صلى الله عليه وسلم: "اركب"، فقال جابر: إني أرضى أن يساق معنا، قال: "اركب" فركب، فوالذي نفسي بيده لقد رأيتني وأنا أكنه عنه -صلى الله عليه وسلم- إرادة أن لا يسبقه، "فقال -عليه الصلاة والسلام: "بعني جملك" فقال: هو هبة "لك يا رسول الله" بلا ثمن, فديتك "بأبي أنت، وأمي", أي: لو كان لي إلى الفداء سبيل لفديتك بهما, "فقال: "بل بعنيه" فلا أقبله هبة، "فباعه إياه" بأوقية، أو أربع، أو خمس، أو خمسة دنانير، أو أربعة دنانير، أو دينارين ودرهمين, روايات ذكرها البخاري، "وأمر بلالًا" بعدما رجع إلى المدينة "أن ينقده" -بفتح الياء، وضم القاف على الأكثر، ويجوز ضمَّ الياء وكسر القاف- ثمنه، "فنقده" ثمنه، وزاده عليه شيئًا يسيرًا، كما عند ابن إسحاق، "ثم قال له -صلى الله عليه وسلم: "اذهب بالثمن والجمل، بارك الله لك فيهما" قال ذلك "مكافأة لقوله هو لك، فأعطاه الثمن،