للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام فخر الدين الرازي: ومذهبنا أنه يجوز تقديم المعجزة تأسيسًا وإرهاصًا، قال: ولذلك قالوا: كانت الغمامة تظله، يعني في سفره قبل النبوة، خلافًا للمعتزلة القائلين بأنه لا يجوز أن تكون المعجزة قبل الإرسال، انتهى.

وقد تقدَّم أول هذا المقصد: إن الذي عليه جمهور أئمة الأصول وغيرهم أن هذا ونحوه مما هو متقدّم على الدعوى لا يسمَّى معجزة، بل تأسيسًا للرسالة وكرامة للرسول -عليه السلام.

وأما القسم الثاني: وهو ما وقع بعد وفاته -صلى الله عليه وسلم- فكثير جدًّا؛ إذ في كل حين يقع لخواص أمته من خوارق العادات بسببه مما يدل على تعظيم قدره الكريم ما لا يحصى, كالاستغاثة به, وغير ذلك مما يأتي في المقصد الأخير، في أثناء الكلام على زيارة قبره المنير.


إن الخوارق التي ظهرت قبل وجوده أو في زمنه قبل بعثته مقدِّمات لتصديقه في دعوى النبوة؛ لأنها حقَّقت عنده شرفه وأمانته.
"قال الإمام فخر الدين الرازي: ومذهبنا" معاشر أهل السنة "إنه يجوز تقديم المعجزة تأسيسًا وإرهاصًا، قال: ولذلك قالوا" أي: رووا أنه "كانت الغمامة" السحابة "تظله، يعني: في سفره قبل النبوة" كما ورد في أخبار صحاح، وزعم أنها لم تصح عند المحدثين باطل، كما قاله الزركشي. "خلافًا للمعتزلة القائلين، بأنه لا يجوز أن تكون المعجزة قبل الإرسال، انتهى", وقد تقدَّم أول هذا المقصد، وقبله في المقصد الأول، أن الذي عليه جمهور أئمة الأصول وغيرهم، أن هذا ونحوه مما هو متقدم على الدعوى" للنبوة، "لا يسمَّى معجزة" لفقد شرط التحدي الذي هو دعوى الرسالة, بل تأسيسًا للرسالة، وكرامة للرسول -عليه السلام،" والأنبياء قبل النبوة لا يقصرون عن درجة الولاية.
"وأما القسم الثاني: وهو ما وقع بعد وفاته -صلى الله عليه وسلم، فكثير جدًّا إذا في كل حين يقع لخواص أمته من خوارق العادات بسببه، مما يدل على تعظيم قدره الكريم ما لا يحصى، كالاستغاثة به" في الملمّات، "وغير ذلك" كالتوسُّل به في نيل المرامات, والإقسام به على رب البريات، "مما يأتي في المقصد الأخير في أثناء الكلام على زيارة قبره المنير، فكرامات الأولياء، كما نقل اليافعي من تتمة معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم؛ لأنها تشهد للولي بالصدق المستلزم لكمال دينه، المستلزم لحقيِّته، المستلزم لصدق نبيه فيما أخبر به من الرسالة، فكانت الكرامة من جملة المعجزات بهذا الاعتبار.

<<  <  ج: ص:  >  >>