للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "هل لك إلى خير"، قال: وما هو؟ قال: "تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله"، قال: هل لك من شاهد على ما تقول؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "هذه الشجرة" , فدعاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم, وهي على شاطيء الوادي, فأقبلت تخدّ الأرض خدًّا، فقامت بين يديه فاستشهدها ثلاثًا فشهدت، ثم رجعت إلى منبتها. الحديث رواه الدارمي........


إلى المكان الذي فيه أهلي، ليطابق الجواب السؤال، وحذف المكان للعلم به؛ إذ لا بد لأهله من مكان، أو لعدم تعلق غرضه بخصوص المكان؛ إذ مراده الذهاب إلى أهله في أيِّ مكان كانوا، أو لأنهم كانوا نزالة رحالة لا مكان لهم، وعدَّاه بإلى، والإرادة متعدية بنفسه لتضمنه معنى التوجه، وقدم سؤاله تأنيسًا له، وإزالة لما في نفسه من مهابته؛ لأنه كان مهيبًا لمن رآه، توطئة لقوله: قال: "هل لك" غرض في الوصول "إلى خير" مما أنت فيه أدلك عليه, فلك خبر مبتدأ محذوف، "قال: وما هو" الخير الذي دعوتني له؟ قال: "تشهد أن لا إله إلا الله وحده" حال لازمة، أي: متوحدًا، منزهًا عن شريك في ذاته وصفاته، وفي كونه معبودًا بحق، "لا شريك له" تأكيدًا لوحدانيته بعد تأكيد، "وأن محمد عبده ورسوله" قدَّم العبودية تنزيهًا لنفسه عن الإطراء في مدحه، ولم يقل وأني عبده ورسوله؛ لاحتمال أن الأعرابي كان يعرف شهرته بذلك، ولا يعرف عينه، "قال: هل لك من شاهد" آية ومعجزة. لا أحد الشهود، "على ما تقول" من الرسالة؟ " قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "هذه الشجرة" شاهدي, وفي رواية قال: "هذا السمرة" بفتح المهملة وضم الميم وراء مفتوحة: شجرة عظيمة ذات شوك من الطلح، وأشار إليها لقربها منه, وجمعها سمر -بفتح السين وضم الميم، وسكونها- كما في اللغة لا بفتح الميم، كما وقع لبعض "فدعاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم" وهي على شاطيء" بمعجمة وألف، ومهملة وهمزة: جانب "الوادي" الأرض المتسعة المستوية، من ودى بمعنى سال، لما فيها من المياه السائلة، "فأقبلت تخد الأرض" جملة حالية أو مستأنفة "خدًّا، فقامت بين يديه" محاذية له قريبًا منه، فاستشهدها ثلاثًا،" أي: قال لها ثلاث مرات، وطلب منها أن تشهد له، بأنه رسول الله، والتثليث للتأكيد، ليقوى ذلك في قلب الأعرابي، "فشهدت" له بأنه رسول الله ثلاثًا، وتركه لعلمه من السياق، "ثم رجعت إلى منبتها" بفتح الموحدة قياسًا، وكسرها سماعًا.
قال المجد: المنبت كمجلس: موضع النبات شاذ، والقياس كمقعد؛ لأن قياس اسم المكان من يفعل، أن يكون على مفعل بالفتح، كمدخل ومخرج ومقعد، " الحديث" بقيته، ورجع الأعرابي إلى قومه، وقال: يا رسول الله, إن يتبعوني آتك بهم، وإلّا رجعت إليك وكنت معك، "ورواه الدارمي" والبزار، والبيهقي وأبو القاسم البغوي، ومن طريقه المتقدم أخرجه في

<<  <  ج: ص:  >  >>