"وأمَّا حديث عائشة، فعند البيهقي" في الدلائل، ولم يذكرها أولًا فيمن أجمله من الصحابة، "وفي آخره: أنه -صلى الله عليه وسلم- خَيِّرَ الجذع بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة" وفيه نوع إجمال بيته قوله. "وأمَّا حديث بريدة، فعند الدارمي وفيه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله حين حن: "إن شئت" بتاء الخطاب؛ لأنَّ الله خلق فيه إدراكًا "أن أردك إلى الحائط" أي: البستان، "الذي كنت فيه تنبت لك عروقك" بدل من أردك، أو مستأنف لبيان علة الرد إلى مكانه الذي نبت فيه، "ويكمل خلقك ويجدد ذلك خوص" بضم الخاء ورق النخل، "وثمرة" أي: يعود لك خلقتك بتمامها ونضارتها، "وإن شئت" غرسك، بالمفعول مقدر، "أغرسك في الجنة" بالجزم جواب الشرط، "فيأكل أولياء الله من ثمرك" , عطف على الجواب، فخيره بين الحياة الدنيوية والأخروية، "ثم أصغى" بمهملة فمعجمة: أمال رأسه" وقرَّبه له النبي -صلى الله عليه وسلم- يستمع ما يقول" أي: ليستمع قوله وجوابه: "فقال" الجذع: بل تغرسني في الجنة, أي: تصيرني من غراسها، فيأكل مني" أي: من ثمري "أولياء الله" المؤمنون، "وأكون في مكان لا أبلى -بفتح الهمزة: أفني وضمها خطأ "فيه" وهو الجنة كسائر أهلها وأشجارها، "فسمعه" أي: لام الجذع "من يليه" أي: الجذع أو النبي، أي: يقرب منه فسماعه لم يختص به النبي -صلى الله عليه وسلم, فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "قد فعلت" بضم التاء للمتكلم، أي: جعلتك من غراس الجنة، "ثم قال" صلى الله عليه وسلم: "اختار دار البقاء" الجنة "على دار الفناء" الدنيا، بفتح الفاء والمد: الذهاب والزوال.