للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي يغلي ويظهر متدفقًا.

وفي رواية الوليد بن عبادة بن الصامت عنه في حديث مسلم الطويل في ذكره غزوة بواط، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ناد: الوضوء". وذكر الحديث بطوله، أنه لم يجد إلا قطرة في عزلاء شجب


النووي هذا الجمع لصحة الروايات كلها، كما تقدم بسط ذلك في الحديبية، "وقوله: يثور" بالمثلثة أو الفاء، لأنهما بمعنى؛ كما قال الحافظ، "أي: يغلي ويظهر متدفقًا" عطف تفسير, يقال للشيء إذا زاد وارتفع قد غلى؛ كما في المصباح، وبه تعلم أنه لا يشترط في الغليان حصوله بحرارة النار.
"وفي رواية الوليد بن عبادة بن الصامت" الأنصاري، المدني، أبي عبادة، ثقة، من كبار التابعين، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومات بعد السبعين، روى له الشيخان والترمذي والنسائي، "عنه" أي: عن جابر "في حديث مسلم الطويل" صفة لحديث في آواخر صحيحه، نحو ورقتين في باب سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، "في ذكر غزوة بواط" بضم الباء وفتحها، وخفة الواو مفتوحة، وألف، ومهملة جبال جهينة على أبراد من المدينة بقرب ينبع ثاني غزواته صلى الله عليه وسلم، قال: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ناد" أمر من النداء محذوف الآخر المعتل، أي: ناد الناس، فقال لهم: أعطوا أو ناولوا "الوضوء" بفتح الواو: الماء الذي يتوضأ به، فنصب بمقدر، "وذكر الحديث بطوله" وهو: فقلت: ألا وضوء، ألا وضوء، ألا وضوء، قال: قلت: يا رسول الله! ما وجدت في الركب من قطر، وكان رجل من الأنصار يبرد لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحاب له ماء في أشجاب على حمارة، فلم أجد إلا قطرة وعزلاء شجب، منها لو أني أفرغه لشربه، يابس الإناء، قال: "اذهب فائت به"، فأتيته به، فأخذه بيده، فجعل يتكلم بشيء لا أدري ما هو، ويغمز بيده، ثم أعطانيه، فقال: "يا جابر ناد بجفنة" فقلت: يا جفنة الركب، فأتى بها تحمل، فوضعها بين يديه، فقال صلى الله عليه وسلم: بيده هكذا، فبسطها وفرق بين أصابعه، ثم وضعها في قعر الجفنة، وقال: "خذ يا جابر، فصب علي وقل: بسم الله". فصببت عليه وقلت بسم الله، فرأيت الماء يفور من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم، ثم فارت الجفنة ودارت حتى امتلأت، فقال: "يا جابر ناد من كانت له حاجة بماء"، قال: فأتى الناس، فاستقوا حتى رووا وبقي، فقلت: هل بقي أحد له حاجة، فرفع صلى الله عليه وسلم يده من الجفنة وهي ملأى، الحديث.
قال الحافظ: وهذه القصة أبلغ من جميع ما تقدم لاشتمالها على قلة الماء، وعلى كثرة من استقى منه، فذكر المصنف معناه تبعًا للشفاء بقوله: "وإنه" أي: جابرًا "لم يجد" عند الأنصاري "إلا قطرة" أي: ماء قليلا جدًا، "في عزلاء" بفتح المهملة، وسكون الزاي، ولام، بعدها مدة

<<  <  ج: ص:  >  >>