وفي فتح الباري: الحكمة في طلبه صلى الله عليه وسلم في هذه المواطن فضلة الماء، لئلا يظن أنه الموجد للماء، ويحتمل أنه إشارة إلى أن الله أجرى العادة في الدنيا غالبًا بالتوالد، وأن بعض الأشياء يقع بثها بالتوالد، وبعضها لا يقع، ومن جملة ذلك ما يشاهد من فوران بعض المائعات إذا خمرت وتركت زمانًا، ولم تجر العادة في الماء الصرف بذلك، فكانت المعجزة بذلك ظاهرة جدًا، انتهى. "وروى ابن عباس، قال: دعا" نادى "النبي صلى الله عليه وسلم بلالا" بماء؛ كما في الرواية، "فطلب" بلال "الماء، فقال" بلال: "لا والله ما وجدت الماء"، قال: "فهل من شن"؟. بفتح المعجمة وبالنون، إداوة يابسة، "فأتي بشن، فبسط كفه" اليمنى على الظاهر "فيه، فانبعثت" انفرجت "تحت يده عين، فكان ابن مسعود يشرب" ويكثر؛ كما في الرواية، وكان "غيره يتوضأ، رواه الدارمي" عبد الله بن عبد الرحمن، "وأبو نعيم" في الدلائل، قال الحافظ: وهذا يشعر بأن ابن عباس حمل الحديث عن ابن مسعود، فإن القصة واحدة، ويحتمل أن يكون كل من بلال وابن مسعود أحضر الإداوة، فإن الشن الإداوة اليابسة، انتهى. "وكذا رواه الطبراني وأبو نعيم من حديث أبي ليلى الأنصاري" والد عبد الرحمن، قيل: اسمه بلال، وقيل: بليل بالتصغير، وقيل: داود بن بلال، وقيل: أوس، وقيل: يسار، وقيل: اليسر، وقيل: اسمه وكنيته. وقال ابن الكلبي: أبو ليلى بن بلال بن بليل بن أحيحة، وتميم نسبة إلى مالك بن الأوس، وقال غيره: شهد أحدًا وما بعدها، ثم سكن الكوفة، وكان مع علي في حروبه، وقيل: إنه قتل بصفين، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه ولده عبد الرحمن وجده. وقال الدولابي: روى عنه أيضا عامر بن كدين، قاضي دمشق، وليس كما قال: فشيخ عامر هو أبو ليلى الأشعري؛ كما في الإصابة، وله أحاديث في السنن. "وأبو نعيم من طريق القاسم بن عبد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده" أبي رافع، واسمه أسلم، على أشهر أقوال عشرة تقدمت غير مرة، مولى النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ذكر المصنف ستة صحابة رووا حديث نبع الماء، فزاد أبا رافع على الحافظ.