"وظاهر هذا أن الماء كان ينبع من بين أصابعه" لا حقيقة، بل "بالنسبة إلى رؤية الرائي، وهو في نفس الأمر للبركة الحاصلة فيه" متعلق بقوله: "يفور ويكثر" في نفسه من غير خروجه من أصابعه، الشريفة، "وكفه صلى الله عليه وسلم في الإناء، فيراه الرائي نابعًا من بين أصابعه" وليس بنابع حقيقة. "وظاهر كلام القرطبي" المتقدم أول هذا المبحث: "أنه نبع من نفس اللحم الكائن في الأصابع" لقوله: نبع الماء من عظمه ولحمه ودمه، وقدمت أن الحافظ أبدى فيه احتمال كونه بالنسبة للرؤية، وأن ظاهره أبلغ، وليس في الأخبار ما يرده. "وبه صرح النووي في شرح مسلم" فقال: وفي كيفية هذا النبع، قولان، حكاهما عياض وغيره، أحدهما وهو قول أكثر العلماء والمزني: أن الماء كان يخرج من ذات أصابعه، والثاني: أن الماء كثر في ذاته، فصار يفور من بين أصابعه، انتهى. ودعوى المصنف أن حديث ابن مسعود ظاهر في الثاني، فيها نظرًا؛ إذ هو محتمل، بل الظاهر منه الأول كبقية الأحاديث، "ويؤيده قول جابر: فرأيت الماء يخرج من بين أصابعه، وفي رواية: فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه" فقوله: يخرج وينبع ظاهر في أنه من ذاتها، "وهذا هو الصحيح، وكلاهما" أي: الأمرين كثرته في نفسه ببركته، وخروجه من ذات أصابعه "معجزة له صلى الله عليه وسلم" وقول الأكثر أبلغ في المعجزة، وأفرد معجزة نظرًا للفظ كلا، فيجوز مراعاة لفظها ومعناها، واجتمعا في قوله: كلاهما حين جد الجري بينهما ... قد أقلع وكلا أنفيهما رابي