للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشيء من ماء، فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل مسستما من مائها شيئًا"؟. قالا: نعم، فسبهما وقال لهما ما شاء الله أن يقول: ثم غرفوا من العين قليلا قليلا حتى اجتمع في شيء، ثم غسل عليه السلام وجهه ويديه به ثم أعاده فيها، فجرت العين بماء كثير فاستقى الناس ثم قال عليه الصلاة والسلام: "يا معاذ، يوشك إن طالت بك حياة أن ترى ما هاهنا قد ملئ جنانًا"، أي بساتين وعمرانًا، وهذا أيضًا من معجزاته عليه الصلاة والسلام.

ورواه القاضي عياض في الشفاء بنحوه من طريق مالك في.


أيضًا في مسلم، "بشيء من ماء" يشير إلى تقليله، فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل مسستما" بكسر السين الأولى على الأفصح، وتفتح "من مائها شيئًا"؟. "قالا: نعم" لأنهما لم يعلما نهيه أو حملاه على الكراهة أو نسياه إن كان مؤمنين، وقد روى أبو بشر الدولابي، أنهما كانا من المنافقين، "فسبهما" لمخالفتهما أمره ونفاقهما، أو حملهما النهي على الكراهة إن كانا مؤمنين، فإن كان لم يعلما أو نسيا فسبهما لكونهما تسببًا في فوات ما أراده من إظهار المعجزة، كما يسب الناسي والساعي، ويلامان إذا كان سببًا في فوات محروس عليه، قاله الباجي في شرح الموطأ.
"وقال لهما ما شاء الله أن يقول: ثم غرفوا من العين" بأيديهم "قليلا قليلا" بالتكرار، "حتى اجتمع" الماء الذي غرفوه "في شيء" من الأواني التي كانت معهم ولا قلب فيه، وإن أصله غرفوا في شيء حتى اجتمع ماء كثير؛ كما توهم، "ثم غسل عليه السلام وجهه ويديه" للبركة "به" أي: الماء، والذي في مسلم، وفي الموطأ فيه بدل به، وضميره قيل عائد على الشيء، أي: الإناء، والظاهر أنه للماء أيضًا، وعبر بفي لمشاكلة قوله: "ثم أعاده فيها، فجرت العين بماء كثير" نقل بالمعنى، ولفظ مسلم: فجرت العين بماء منهمر، وقال غزير: شك أبو علي، أي: راويه عن مالك. نعم لفظ الموطأ بماء كثير، كلفظ المصنف، لكنه لم يعزه له، "فاستقى الناس" شربوا وسقوا دوابهم، "ثم قال عليه الصلاة والسلام: "يا معاذ، يوشك" يقرب ويسرع من غير بطء "إن طالت بك حياة" أي: إن أطال الله عمرك، ورأيت هذا المكان، "أن ترى" بعينك فاعل يوشك، وإن بالفتح مصدرية، "ما" موصول، أي: الذي "هاهنا" هو إشارة للمكان، "قد ملئ" بالبناء للمفعول "جنانًا" نصب على التمييز، بكسر الجيم جمع بفتحها، "أي: بساتين وعمرانًا"، أي: يكثر ماؤه ويخصب أرضه، فيكون بساتين ذات ثمار وشجر كثيرة، "وهذا أيضًا من معجزاته عليه الصلاة والسلام" لأنه إخبار بغيب وقع، "ورواه" بمعنى: ذكره "القاضي عياض في الشفاء بنحوه من طريق مالك" أي: ناسبًا له بلفظ: روى مالك "في

<<  <  ج: ص:  >  >>