للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما يشير ئإلى ناحية من السحاب إلا انفرجت، وصارت المدينة مثل الجوبة، وسال الوادي قناة شهرًا، ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجود. وفي رواية قال: "اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الإكام والظراب وبطون الأودية,


"فما يشير" بيده "إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت" انكشفت أو تدورت، كما يدور جيب القميص، وهذا لفظ البخاري في الجمعة، وشرحه المصنف بما ذكرت، ورواه في الاستسقاء، بلفظ: إلا تفرجت.
قال المصنف بفتح الفوقية، والفاء، وتشديد الراء، وبالجيم، أي: تقطع السحاب، وزال عنها امتثالا لأمره، "وصارت المدينة مثل الجوبة، وسال الوادي قناة" بقاف مفتوحة، فنون، فألف، فتاء تأنيث، مرفوع على البدل من الوادي غير منصرف للتأنيث والعلمية، إذ هو اسم لواد معين من أودية المدينة بناحية أحد به مزارع، ولعله من تسمية الشيء باسم ما جاوره، وقرأت بخط الرضى الشاطبي الفقهاء يقرءونه بالنصب والتنوين يتوهمونه قناة من القنوات وليس كذلك، انتهى.
وهذا ذكره بعض الشراح، وقال: هو على التشبيه، أي: سال مثل القناة، قال الحافظ: أي: جرى فيه المطر "شهرًا ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجود، وفي رواية" للشيخين من وجه آخر عن أنس، "قال" صلى الله عليه وسلم: "اللهم حوالينا ولا علينا" وفي بعض الروايات: حولينا بلا ألف، وهما بمعنى، وهو في موضع نصب على الظرف أو مفعول به، والمراد بحوالي المدينة: مواضع النبات والزرع، لا نفس المدينة وبيوتها، ولا ما حواليها من الطرق، وإلا لم يزل شكواهم بذلك ولم يطلب رفع المطر من أصله، بل سأل رفع ضرورة وكشفه عن البيوت والمرافق والطرق، بحيث لا يتضرر به ساكن ولا ابن سبيل، بل سأل إبقاءه في موضع الحاجة؛ لأن الجبال والصحاري ما دام المطر فيها كثرت فائدتها في المستقبل من كثرة المرعى والمياه، وغير ذلك من المصالح، وفيه قوة إدراكه صلى الله عليه وسلم للخير عن سرعة البديهة، ولذا بين المراد بحوالينا بقوله: "اللهم على الإكام" بكسر الهمزة، وقد تفتح وتمد: جمع أكمة بفتحات.
قال ابن البرقي: هو التراب المجتمع، وقال الخطابي: هي الهضبة الضخمة، وقيل: الجبل الصغير، وقيل: ما ارتفع من الأرض، وقال الثعلبي: الأكمة أعلى من الرابية، "والظراب" بكسر المعجمة، وآخره موحدة: جمع ظرب، بكسر الراء، وقد تسكن.
قال القزاز: الجبل المنبسط ليس بالعالي، وقال الجوهري: للرابية الصغيرة، "وبطون الأودية" والمراد بها ما يتحصل فيه الماء لينتفع به، قالوا: ولم يسمع أفعله جمع فاعل إلا أودية: جمع واد، وفيه نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>