للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأهله، قيل لأنس: عددكم كانوا؟ قال: زهاء ثلاثمائة، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده على تلك الحيسة وتكلم بما شاء الله، ثم جعل يدعو عشرة عشرة يأكلون منه، ويقول لهم: "اذكروا اسم الله، وليأكل كل رجل مما يليه"، قال: فأكلوا حتى شبعوا، فخرجت طائفة حتى أكلوا كلهم، قال لي: "يا أنس ارفع" فرفعت، فما أدري حين وضعت كان أكثر أم حين رفعت. رواه البخاري ومسلم.


وصاد مهملة مشددة، بينهما ألف، أي: ممتلئ "بأهله، قيل لأنس: عددكم" معمول مقدم؛ لقوله: "كانوا" أي: عدد أي قدر كانوا، "قال: زهاء ثلاثمائة" أي: مقدارها، "فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده" كذا بالإفراد، وفي البخاري: يديه، قال المصنف بالتثنية، "على تلك الحيسة" التي أرسلتها أم سليم لتحصل البركة، "وتكلم بما شاء الله" أن يتكلم، وفي رواية: فوضعه قدامه، وغمس ث. لاث أصابع، ولا منافاة، فإنه وضع يديه جميعًا عليها حين الدعاء قبل الأكل، ثم لما أطعم القوم أكل معهم بأصابعه الثلاث على سنته، فلا ترد الرواية التي في المصنف إلى الأخرى، فيقال: أي بعض يده، كما توهم، "ثم جعل يدعو عشرة عشرة" من القوم الذين اجتمعوا "يأكلون منه" أي: الطعام المسمى حيسة، أو الضمير للتور، ويقول لهم: "اذكروا اسم الله" بأن تقولوا: بسم الله قبل الأكل، "وليأكل كل رجل مما يليه"، قال أنس "فأكلوا حتى شبعوا، فخرجت طائفة حتى أكلوا كلهم، قال لي: "يا أنس ارفع" الإناء، وفي رواية: "لترفع" بلام الأمر والخطاب، والرواية الأولى أفصح، "فرفعت، فما أدري حين وضعت" بضم التاء للمتكلم، أي: حين وضعته، أو بتاء تأنيث ساكنة، "كان" الطعام أو التور، وفي رواية: كانت بالتأنيث، أي: الآنية "أكثر أم حين رفعت" بضم التاء وإسكانها، "رواه البخاري ومسلم" واللفظ لهما كلاهما في النكاح، وبقيته عندهما: فخرج من خرج، وبقي نفر يتحدثون، وجعلت أغتم، ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم نحو الحجرات، وخرجت في أثره، فقلت: إنهم قد ذهبوا، فرجع، فدخل البيت وأرخى الستر، وإني لفي الحجرة، وهو يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} الآية، إلى قوله: {وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: ٣٥] الآية.
قال في الفتح: استشكل عياض ما وقع هنا؛ أن الوليمة بزينب كانت من الحيس الذي أهدته أم سليم، فالمشهور في الروايات أنه أولم عليها بالخبز واللحم، ولم يقع في القصة تكثير ذلك الطعام، وإنما فيها أنه أشبع المسلمين خبزًا ولحمًا، فهذا وهم من راويه، وتركيب قصة على أخرى، وأجاب: بأن حضور الحيسة صادف حضور الخبز واللحم، فاكلوا كلهم من ذلك.
وقال القرطبي: لعل الذين دعوا إلى الخبز واللحم أكلوا حتى شبعوا، وذهبوا ولم يرجعوا وبقي النفر الذين كانوا يتحدثون عنده حتى جاء أنس بالحيسة، فأمره أن يدعو ناسًا آخرين ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>