وعند ابن سعيد: أن العامرية اختارت قومها، فكانت تقول: هي الشقية، فضعفه ابن عبد البر، وتبعه بأن الآية إنما نزلت وفي عصمته التسع اللاتي توفى عنهن، وقد صرحت عائشة في الصحيحين بأنهن كلهن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة، وقد تقدم بسط ذلك في الزوجات، "وصبرن معه عوضهن" أي: قابلهن "الله على صبرهن بأمرين" الباء للمقابلة، وهي الداخلة على الأعواض أثمانًا أو غير أثمان نحو: اشتريته بألف وكافأت إحسانه بضعف، فالمعنى جعل لهن عوضًا عن صبرهن أمرين، "أحدهما: أن جعلهن أمهات المؤمنين" في الاحترام والتعظيم لا في الخلوة بهن ومنه نكاح بناتهن وأخواتهن، كما أفاده قوله: "تعظيمًا لحقهن، وتأكيدًا لحرمتهن، وتفضيلهن على سائر النساء" وهذا يصلح جعله أمرًا مستقلا، وإن أدمجه المصنف فيما قبله، "بقوله: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} [الأحزاب: ٣٢] ". قال السبكي: ظاهر الآية أن أزواجه صلى الله عليه وسلم أفضل النساء مطلقًا حتى مريم، وظاهرها أيضًا تفضيلهن على بناته إلا أن يقال بدخولهن في اللفظ، لأنهن من نساء النبي، نقله عنه السيوطي في الإكليل وأقره، "والثاني، أن حرم عليه طلاقهن والاستبدل بهن، فقال تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} [الأحزاب: ٢٥] ، فكان تحريم طلاقهن مستدامًا" في أحد الوجهين، والآخر أن له الفراق بعد اختيارهن البقاء معه، وهو الأصح، كما مر، وأما قوله تعالى: {مِنْ بَعْدُ} ، أي: من بعد التسع، ففيه خلاف، فقيل: إنها حظرت عليه النساء إلا التسع اللواتي كن عنده.