للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يوم حجه بعرفة، وفي أشد حالة وهو يوم الخندق، انتهى.

ومنها: أنه كان يؤخذ عن الدنيا حالة الوحي، ولا يسقط عنه الصوم والصلاة وسائر الأحكام، كما ذكره في زوائد الروضة عن ابن القاص والقفال، وكذا ذكره ابن سبع.

ومنها: أنه كان يغان


بقوله: "وهو يوم حجه بعرفة، وفي أشد حالة، وهو يوم الخندق، انتهى" ما قاله بعضهم، وهو وجه حكاه في الروضة، وأصلها كما في الأنموذج.
قال شارحه: والثاني لا يجب، وهو الأصح، لأنه رأى ما يعجبه يوم وقعة بدر التي أعز الله فيها الإسلام وأهله، والفتح الأعظم الذي هو فتح مكة، ولم ينقل أنه قاله مع توفر الدواعي على نقله، فلو وقع لنقل، انتهى.
"ومنها: أنه كان يؤخذ عن الدنيا حالة الوحي" أي: عند تلقيه، "ولا يسقط عنه الصوم والصلاة وسائر الأحكام" التي كلف بها، بل هو مخاطب بها في تلك الحالة، وهو آية كمال عقله فيها، وإن أخذه إنما هو بحسب الظاهر، لا الحقيقة، "كما ذكره" النووي "في زوائد الروضة عن ابن القاص والقفال، وكذا ذكره ابن سبع" والبيهقي وغيرهم، وحديث شأن الوحي في الصحيحين صريح في أنه صلى الله عليه وسلم كان يتنقل من حالته المعروفة إلى حالة تستلزم الاستغراق والغيبة عن الحالة الدنيوية حتى ينتهي الوحي ويفارقه الملك.
قال السراج البلقيني: وهي حالة يؤخذ فيها عن حال الدنيا من غير موت، فهو مقام برزخي يحصل له عند تلقي الوحي، ولما كان البرزخ العام ينكشف فيه للميت كثير من الأحوال، خص الله نبيه ببرزخ في الحياة يلقى الله فيه، وهو مشتمل على كثير من الأسرار، وقد وقع لكثير من الصلحاء عند الغيبة بالنوم أو غيره اطلاع على كثير من الأسرار، وذلك مستمد من المقام النبوي، ويشهد لذلك حديث: "رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة" انتهى.
وتوقف شيخنا في عد هذا خصوصية، حيث كان عقله في تلك الحالة حاضرًا، لأنه لو حصل مثله لآحاد البشر، خرقًا للعادة، فاستغرق في مشاهدة الله مع حضور قلبه ومعرفة ما يرد عليه من نفع أو ضر لكان مكلفًا، اللهم إلا أن يقال عد خصوصية لكمال استغراقه حتى أن ما يدركه في تلك الحالة، كإدراكه في حالة نومه للمعاني والأحكام، لأنه لا ينام قلبه، وذلك بحسب ظاهر الحال يقتضي عدم التكليف، انتهى. فليتأمل.
"ومنها: أنه كان يغان" بغين معجمة من الغين، وهو الغطاء، قال النووي: بالنون والميم،

<<  <  ج: ص:  >  >>