للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في اليوم مائة مرة", وهذا لفظ مسلم، وقال أبو داود "في كل يوم" قال الشيخ ولي الدين العراقي: والظاهر أن الجملة الثانية مرتبة على الأولى، وأن سبب الاستغفار: الغين، ويدل لذلك قوله في رواية النسائي في عمل اليوم والليلة: "إنه ليغان على قلبي حتى أستغفر الله كل يوم مائة مرة وفي رواية له أيضًا: "فأستغفر الله". وألفاظ الحديث يفسر بعضها بعضًا. ويحتمل من حيث اللفظ أن تكون الجملة الثانية كلامًا برأسه غير متعلقة بما قبله، فيكون عليه السلام أخبر بأنه يغان على قلبه، وبأنه يستغفر الله في اليوم مائة مرة. انتهى.


ويرجحه ما أخرجه النسائي بسند جيد، عن ابن عمر؛ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه". في المجلس قبل أن يقوم مائة مرة، وله عن نافع، عن ابن عمران: كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور مائة مرة "في اليوم" الواحد من الأيام، ولم يرد يومًا معينًا "مائة مرة" لا يعارض رواية سبعين، لأن المراد الكثرة لا التحديد، ولا الغاية، فالمراد: أستغفره دائمًا أبدًا، وخص المائة لكمالها في العدد المركب من الآحاد والعشرات، حتى إن ما زاد عليها، كالتكرير لذلك، كما أشار إليه الحرالي؛ لكن قال في الفتح: والمطالع كل ما جاء في الحديث من التعبير بالسبعين، قيل هو على ظاهره وحصر عدده، وقيل المراد التكثير، والعرب تضع السبع والسبعين والسبعمائة موضع الكثرة، قال في الفتح: وقوله في رواية البخاري: أكثر من سبعين، يحتمل أن يفسر برواية مائة، ووقع عند النسائي من رواية معمر عن الزهري بلفظ: "إني لأستغفر الله في اليوم خمسمائة مرة". لكن خالف معمر أصحاب الزهري في ذلك، "هذا لفظ مسلم".
"وقال أبو داود: في كل يوم" بدل قوله في اليوم، ولا منافاة بينهما؛ لأن المراد باليوم ما صدقه، وهو يتحقق مع ذلك، كما يتحقق في بعض الأيام.
"قال الشيخ ولي الدين العراقي: والظاهر أن الجملة الثانية" أي قوله: وإني لأستغفر الله ... إلخ، "مرتبة على الأولى" التي هي أنه ليغان على قلبي، وأن سبب الاستغفار الغين ويدل لذلك قوله في رواية النسائي في عمل اليوم والليلة: "إنه ليغان على قلبي" أي: ويدوم أثر ذلك "حتى أستغفر الله كل يوم مائة مرة" فيزول، وفي رواية له أيضًا: "فأستغفر الله" فصرح بفاء السببية، "وألفاظ الحديث المختلفة يفسر بعضها بعضًا" فتحمل الجملة الثانية على أنها مسببة عن الأولى، فتوافق الروايتين، "ويحتمل من حيث اللفظ" بقطع النظر عن الروايتين "أن تكون الجملة الثانية كلامًا برأسه، غير متعلقة بما قبله، فيكون عليه السلام أخبر بأنه يغان على قلبه، وأخبر "بأنه يستغفر الله في اليوم مائة مرة" وليس الاستغفار مسببًا عن الغين، فأخبر

<<  <  ج: ص:  >  >>