للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ ابن حجر: فأشارت بذلك إلى أن الإباحة لمن يكون مالكًا لنفسه دون من لا يأمن الوقوع فيما يحرم. وفي رواية حماد -عند النسائي- قال الأسود: قلت لعائشة: أيباشر الصائم؟ قالت: لا، قلت: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر وهو صائم؟ قالت: إنه كان أملككم لإربه. قال وظاهر هذا أيضًا أنها اعتقدت خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. قاله القرطبي، قال: وهو اجتهاد منها. ويدل على أنها لا ترى بتحريمها ولا بكونها من الخصائص: ما رواه مالك في الموطأ أن عائشة بنت طلحة كانت عند عائشة فدخل عليها زوجها وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر فقالت عائشة: ما يمنعك أن تدنو من أهلك فتلاعبها وتقبلها؟ قال: أقبلها وأنا صائم؟ قالت: نعم.


وأجاب الطيبي: بأنها ذكرت أنواع الشهوة مرتقية من الأدنى إلى الأعلى، فبدأت بمقدمتها التي هي القبلة، ثم ثنت بالمباشرة بنحو المداعبة والمعانقة، وأرادت أن تعبر عن المجامعة، فكنت عنها بالأرب، وأي عبارة أحسن من هذا. انتهى. وفي الموطأ: أيكم أملك لنفسه، وبهذا فسره الترمذي، فقال: ومعنى لإربه لنفسه، قال الحافظ العراقي: وهو أولى بالصواب لأن أولى ما فسر به الغريب ما ورد في بعض طرق الحديث.
"قال الحافظ ابن حجر: فأشارت بذلك" أي قولها: وكان أملككم لإربه "إلى أن الإباحة لمن يكون مالكًا لنفسه دون من لا يأمن الوقوع فيما يحرم" من الإنزال أو الجماع، "وفي رواية حماد عند النسائي، قال الأسود" بن يزيد النخعي: "قلت لعائشة: أيباشر الصائم" حليلته بما دون الجماع، "قالت: لا، قلت: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبار وهو صائم؟ قالت: إنه كان أملككم لإربه، قال" الحافظ: "وظاهر هذا أيضًا أنها اعتقدت خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بذلك" لأنه لا يخاف ما يخاف غيره، "قال القرطبي، قال: وهو" أي اعتقادها الخصوصية "اجتهاد منها" لا أنها رفعته، "ولكن يدل على أنها لا ترى بتحريمها، ولا بكونها من الخصائص، ما رواه مالك في الموطأ: أن عائشة بنت طلحة" بن عبيد الله القرشية التيمية أم عمر، إن كانت فائقة الجمال، وهي ثقة، روى له الستة "كانت عند عائشة" أم المؤمنين، "فدخل عليها زوجها، وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر" الصديق، التيمي، التابعي، روى له الشيخان وغيرهما، "فقالت عائشة: ما يمنعك أن تدنو من أهلك" زوجك، "فتلاعبها وتقبلها؟ قال: أقبلها وأنا صائم؟ قالت: نعم" فدل ذلك، على أن قولها للأسود لا محمول على تحرك شهوته، كما أشعر به جوابها؛ بأنه كان أملككم، وقد حكى الإجماع على أن من كره القبلة لم يكرهها لنفسه، وإنما كرهها خشية ما تئول إليه من الإنزال، ومن بديع ذلك قول

<<  <  ج: ص:  >  >>