للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختص أيضًا بإباحة الوصال في الصوم: كما سيأتي، وقال إمام الحرمين، وهو قربة في حقه عليه السلام.

وأن يأخذ الطعام والشراب من مالكهما المحتاج إليهما إذا احتاج، ويجب على صاحبهما البذل. ويفدي بمهجته مهجة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: ٦] ، ولو قصده ظالم وجب على كل من حضره أن يبذل نفسه دونه صلى الله عليه وسلم.


عمر بن الخطاب: هششت، فقبلت وأنا صائم، فقلت: يا رسول الله صنعت اليوم أمرًا عظيمًا، قبلت وأنا صائم، قال: "أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم"، قلت: لا بأس به، قال: "فمه"، رواه أبو داود والنسائي، وقال: منكر، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، قال المازري: فأشار إلى فقه بديع وذلك أن المضمضة لا تنقض الصوم، وهو أول، الشرب ومفتاحه، كما أن القبلة من دواعي الجماع ومفتاحه، والشرب يفسد الصوم، كما يفسد الجماع، فكما ثبت أن أوائل الشرب لا تفسد الصيام، فكذلك أوائل الجماع، وأخذ الظاهرية بظاهر الحديث، فجعلوا القبلة للصائم سنة، وقربة من القرب اقتداء بفعله صلى الله عليه وسلم، ورد بأنه كان يملك إربه، فليس كغيره، وكيفما كان لا يفطر إلا بإنزال، فلو أمذى فلا شيء عليه عند الشافعي وأبي حنيفة، وعليه القضاء عند مالك، "واختص أيضا بإباحة الوصال" كما قال الشافعي والجمهور "في الصوم، كما سيأتي" في المقصد التاسع مع بسط الخلاف في معنى: "يطعمني ربي ويسقيني" وفي حكم الوصال لنا بما يغني عن جلب بعض كلام غيره هنا.
"وقال إمام الحرمين: هو قربة في حقه عليه السلام" أي مستحب لا مباح؛ كما قال الجمهور، "و" اختص بإباحة "أن يأخذ الطعام والشراب" والثياب "من مالكهما المحتاج إليهما إذا احتاج" بلا ثمن، بخلاف غيره، فلا يجوز له إلا أن يضطر، فيجب على مالكه غير المضطر بذله بالثمن إن وجد على ما بسط في الفروع، "ويجب على صاحبهما البذل" ولو هلك جوعًا وعطشًا وعريًا، "ويفدي بمهجته مهجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} ، وقال صلى الله عليه وسلم: "أنا أولى بكل مؤمن من نفسه"، لكن لم ينقل أنه فعل هذا المباح، بل كان يؤثر على نفسه، قال الشيخان: بل ولا معظم المباحات، "ولو قصده ظالم وجب على كل من حضره أن يبذل" بضم الذال "نفسه" يجود بها ويعطيها "دونه صلى الله عليه وسلم" وإن خشي الدافع على نفسه بخلاف غيره، فلا يجب الدفع مع الخوف، كما قال الرافعي والنووي؛ لأن من قصد غير النبي مسلمًا لا يكفر، وقاصده عليه السلام يكفر

<<  <  ج: ص:  >  >>