وفي رواية ابن ماجه: أحد "حتى أكون أحب إليه من نفسه وأهله وولده والناس أجمعين" عطف عام على خاص، وهو كثير، والحديث في الصحيحين وغيرهما، عن أنس بلفظ: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين". وفي صحيح ابن خزيمة: "من أهله وماله" بدل من والده وولده، وكذا في مسلم من وجه آخر. وفي رواية للبخاري: "لن يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه"، ويأتي إن شاء الله تعالى كلام عليه في مقصد المحبة وبقية كلام الغزالي: ومن جانب النبي صلى الله عليه وسلم ابتلاؤه ببلية البشرية ومنعه من خائنة الأعين، ولذا قال تعالى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} الآية، ولا شيء أدعى إلى حفظ البصر من هذا التكليف، قال: وهذه يوردها الفقهاء في نوع التخفيفات، وعندي أنه في حقه في غاية التشديد، إذ لو كلف به آحاد الناس لما فتحوا أعينهم في الشوارع والطرقات خوفًا من ذلك، ولذا قالت عائشة: لو كان يخفي آية لأخفى هذه، كذا قال وتعقب بأن الآحاد غير معصومين، فيثقل عليهم ذلك بخلافه. "ويدل لهذه الخصيصية قصة زينب بنت جحش" الأسدية "بنت عمته صلى الله عليه وسلم أميمة" بالتصغير "بنت عبد المطلب" مختلف في إسلامها وأثبته ابن سعد، وفي هذا الدليل نظر لابتنائه على أنه صلى الله عليه وسلم رغب في نكاحها لما رآها، وقال: "سبحان الله مقلب القلوب"، ففهمت زينب ذلك منه، وأخبرت زيدًا ففارقها وهذا منكر، وعلى تقدير تسليمه لا يدل على الوجوب، إذ قوله: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ} صورة واقعة حال، والصواب أن إطلاق زيد لها لتعظمها عليه، ولذا قال ابن الرفعة: قصة زيد لا تدل على ذلك، بل تدل على عكسه، وبسط القول فيه بما يطول ذكره،