وأخرج الترمذي وحسنه، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، عن أبي رافع، أنه صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة، وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا السفير بينهما، وكذا رواه مالك عن سليمان بن يسار، قال البيهقي في المعرفة: وبهذا رد الشافعي رواية ابن عباس التي احتج بها الحنفية وأهل العراق على جواز نكاح المحرم وإنكاحه، وخالفه الجمهور وأهل الحجاز محتجين بحديث مسلم عن عثمان رفعه: "المحرم لا ينكح ولا يُنكح" وأما خبر ابن عباس وإن صح إسناده إليه فوهم، كما قال سعيد. قال الشافعي: لأن ابن أختها يزيد يقول: نكحها حلالا، ومعه سليمان بن يسار عتيقها، أو ابن عتيقها، وخبر اثنين أكثر من خبر واحد مع رواية عثمان التي هي أثبت من هذا كله، انتهى. ولذا قال الزركشي في جعل ذلك من الخصائص نظر إذ لم يثبت الشافعي وقوع العقد حال إحرامه والتجويز يحتاج إلى دليل. وقال السهيلي: تأول بعض شيوخنا قول ابن عباس وهو محرم بمعنى في الشهر الحرام والبلد الحرام لأنه عربي فصيح، يتكلم بكلام العرب، ولم يرد الإحرام بالحج ولا العمرة، فالله أعلم، أراد لك ابن عباس أم لا؟ قال: ومن الغريب ما رواه الدارقطني عن أبي الأسود ومطر الوراق، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه تزوجها وهو حلال، انتهى، فإن ثبت ذلك عنه؛ فكأنه رجع، وإلا فالمعروف عنه وهو محرم، وإن كان وهمًا أو مؤولا، وتقدم مزيد لهذا في الزوجات، وقبله في عمرة القضية. "وكذا يجوز له النكاح بغير رضا المرأة" لأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، كما مر، "فلو رغب في نكاح امرأة خلية" عن زوج أو عدة "لزمها الإجابة" إليه على الصحيح وتجبر عليه "وحرم على غيره خطبتها" بكسر الخاء بمجرد الرغبة، "أو متزوجة وجب على زوجها طلاقها" ليتزوجها، وقياسه لو رغب في نكاح سرية وجب على سيدها إعتاقها وتركها ليتزوج بها، كذا قال شيخنا.