"وقضى للزبير" بن العوام، أحد العشرة، "بشراج" بكسر الشين المعجمة، آخره جيم، جمع شرج، بفتح، فسكون، بزنة بحر وبحار، ويجمع على شروج، وأضيف إلى "الحرة" بفتح الحاء والراء المشددة المهملتين، موضع معروف بالمدينة لكونه فيه، والمراد؛ مجاري الماء الذي يسيل منها "بعد أن أغضبه خصم الزبير" هو حميد، رواه أبو موسى المديني في الذيل بسند جيد. قال الحافظ: ولم أرَ تسميته إلا في هذا الطريق، وهو مردود بما في بعض طرق الحديث، أي عند البخاري في الصلح أنه شهد بدرا وليس في البدريين أحد اسمه حميد، وقيل: هو ثابت بن قيس بن شماس، حكاه ابن بشكوال واستبعد، وقيل: حاطب بن أبي بلتعة، حكاه ابن باطيش، ولا يصح، لأن حاطبًا ليس أنصاريًا، وأجيب، بحمله على المعنى اللغوي، أي: من كان ينصر النبي صلى الله عليه وسلم لا أنه من الأنصار المشهورين، ورد بأن في رواية الطبراني أنه من بني أمية بن زيد، وهم بطن من الأوس، ودفع باحتمال أن مسكنه كان في بني أمية، لا أنهم منهم، وقد روى ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله: {فَلا وَرَبِّكَ} الآية، قال: أنزلت في الزبير بن العوام وحاطب بن أبي بلتعة، اختصامًا في ماء، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم، أن يسقي الأعلى، ثم الأسفل، وهذا مرسل، ولكن فيه فائدة تسمية الأنصاري "لعصمته صلى الله عليه وسلم، فلا يقول في الغضب إلا كما يقول في الرضى" إذ كل من غضبه ورضاه لله، أخرج الأئمة الستة عن عبد الله بن الزبير، قال: خاصم الزبير رجلا من الأنصار في شراج الحرة التي يسقون بها النخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك"، فقال الأنصاري: يا رسول الله! إن كان ابن عمتك، فتلون وجه رسول الله، ثم قال: "اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر، ثم أرسل الماء إلى جارك"، واستوعى للزبير حقه، وكان أشار عليهما بأمر لهما فيه سعة، قال الزبير: فما أحسب هذه الآية إلا نزلت في ذلك: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية،