للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورواه كعب بن مالك بلفظ: "يحشر الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تل، ويكسوني ربي حلة خضراء"، رواه الطبراني، وهو عند ابن أبي شيبة بلفظ: "يحشر الناس على تل، وأمتي على تل"، وعند الطبراني أيضًا من حديث ابن عمر: فيرقى هو -يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم- وأمته على كوم فوق الناس.


استقل به دون غيره، فاستعمله في لازم معناه اللغوي، وذلك اللازم عدم صلاحية غيره لتلك الحلة. وفي البخاري عن ابن عباس، مرفوعًا: "إنكم تحشرون حفاة عراة غرلا"، ثم قرأ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} الآية، "وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم" ... الحديث، فعجيب عزو بعض له للبزار، قال الحافظ: قيل في حكمة خصوصية إبراهيم بذلك، لكونه ألقي في النار عريانًا، أو لأنه من لبس السراويل، ولا يلزم من ذلك تفضيله على نبينا لأن المفضول قد يمتاز بشيء يخص به، ولا يلزم منه الفضيلة المطلقة، ويمكن أن يقال: لا يدخل في عموم خطابه.
وقال القرطبي: قد جبر صلى الله عليه وسلم عن هذا السبق بكونه يكسى حلتين؛ كما في حديث البيهقي، وأجاب الحليمي: بأنه يكسى إبراهيم أولا، ثم نبينا على ظاهر الخبر؛ لكن حلة نبينا أعلى وأكمل، فتجبر بنفاستها ما فات من الأولية؛ على أنه يحتمل أن نبينا صلى الله عليه وسلم خرج من قبره في ثيابه التي مات فيها، والحلة التي يكساها يومئذ حلة الكرامة بقرينة إجلاسه عند ساق العرش، فتكون أولية إبراهيم في الكسوة بالنسبة لبقية الخلق.
"ورواه كعب بن مالك" الأنصاري، السلمي، المدني، أحد الثلاثة الذي تيب عليهم، مرفوعًا. بلفظ: "يحشر الناس يوم القيامة، فأكون أنا وأمتي على تل" مكان عال، "ويكسوني ربي حلة خضراء" رواه الطبراني, فبين في هذه الرواية لونها، وهو عطف على أكون، والواو لا ترتب، فلا ينافي مقتضى التعقيب بالفاء في السابق، أن الكسورة تكون عقب الخروج من القبر، وفي الترمذي عن أبي هريرة: "أنا أول من ينشق عنه الأرض، فأكسى حلة من حلل الجنة" ... الحديث، وعلى احتمال أنه يقوم بثيابه التي مات فيها، ولا تبلى حتى يكسى، يكون ذلك له خصوصية أخرى، حيث تبلى ثياب الخلائق وثوبه لا يبلى، ولا ينافيه الفاء لأن التعقيب في كل شيء يحسبه.
"وهو عند ابن أبي شيبة" عن كعب، بلفظ: "يحشر الناس" كلهم "على تل وأمتي" أي: وهو معهم، كما قال قبل "على تل" أعلى من التل الذي عليه الناس.
"وعند الطبراني، أيضًا من حديث ابن عمر: فيرقى هو يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم وأمته على كوم" هو التل، بمعنى "فوق الناس" ولم يبين هل الكوم من كافور، أو مسك، أو نحوهما،

<<  <  ج: ص:  >  >>