للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنه يقوم عن يمين العرش، رواه ابن مسعود عنه عليه الصلاة والسلام وفيه: لا يقومه غيره، يغبطه فيه الأولون والآخرون.

ومنها: أنه يعطى المقام المحمود، قال مجاهد: هو جلوسه صلى الله عليه وسلم على العرش، وعن عبد الله بن سلام، جلوسه على الكرسي، ذكرهما البغوي.


"وأنه يقوم عن يمين العرش" خصيصية شرفه الله بها، "رواه ابن مسعود عنه عليه الصلاة والسلام" في حديث، "وفيه لا يقومه غيره يغبطه فيه" حال من المفعول، أي: يغبط النبي حالة كونه في ذلك المقام، أو في سببية، أي: يغبطونه بسببه.
وقد ذكر المصنف الحديث فيما يأتي، بلفظ: "يغبطه به"، أو الضمير لموقف الخلائق، فيكون حالا من فاعل يغبط، أي: يغبطه حال كونهم في مقامهم "الأولون والآخرون".
قال الحافظ الغبطة أن يتمنى أن يكون له مثل ما لغيره من غير أن يزول عنه، والحرص على هذا يسمى منافسة، فإن كان في الطاعة فمحمود، ومنه: {فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} الآية؛ وفي المعصية فمذموم، ومنه: "فلا تنافسوا"، وفي الجائز، فمباح، انتهى.
والمراد بالتمني هنا حالة تستدعي محبته واستحسانه لا الطلب لعلمهم أنه لا يكون لغيره، فغبطتهم له استحسانهم لمقامه المخصوص به، وعده مقامًا عظيمًا له، ففيه تجريد، إذ بالغبطة تمني المستحسن، فمجرد عن تمني، وأريد به الجزء الثاني، وهو المستحسن.
وروى الترمذي: وقال: حسن صحيح غريب، عن أبي هريرة، مرفوعًا: "أنا أول من تنشق عنه الأرض، فأكسى حلة من حلل الجنة، ثم أقوم عن يمين العرش، ليس أحد من الخلائق يقوم ذلك المقام غيري".
"ومنها: أنه يعطى المقام المحمود" قال تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} الآية، "قال مجاهد" لتابعي، المفسر المشهور، "هو جلوسه على العرش" حملا للمقام على أنه مصدر ميمي، لا اسم مكان.
"وعن عبد الله بن سلام" الصحابي: هو "جلوسه على الكرسي" وهو مغاير لما قبله على الأصح أنه غير العرش ومساوٍ على أنه هو، "ذكرهما البغوي" في تفسيره بعد أن صدر بأن المراد الشفاعة، وساق حديثها الطويل في إتيان الناس آدم ... إلخ، وهذان التفسيران من جملة ما زيف لأنه تفسير للشيء بخلاف ما فسره به صاحبه، فقد روى البخاري والترمذي عن ابن عمر، قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المقام المحمود، فقال: "هو الشفاعة".
وأخرج أبو نعيم والبيهقي، عن أبي هريرة: رفعه: "المقام المحمود الشفاعة" أي: الموعود

<<  <  ج: ص:  >  >>