للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا خلاف ما هو حكم الشرع اليوم، فإن الكتابي إذا بذل الجزية وجب قبولها ولم يجز قتله ولا إكراهه على الإسلام، وإذا كان كذلك، فكيف يكون عيسى عليه السلام حاكمًا بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم؟

فالجواب: أنه لا خلاف أن عيسى عليه الصلاة والسلام إنما ينزل حاكمًا بهذه الشريعة المحمدية ولا ينزل نبي برسالة مستقلة وشريعة ناسخة، بل هو حاكم من حكام هذه الأمة.

وأما حكم الجزية وما يتعلق بها فليس حكمًا مستمرًا إلى يوم القيامة، بل هو مقيد بما قبل نزول عيسى، وقد أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم بنسخه، وليس عيسى عليه السلام هو الناسخ، بل نبينا صلى الله عليه وسلم هو المبين للنسخ، فدل على أن الامتناع في ذلك الوقت من قبول الجزية هو شرع نبينا صلى الله عليه وسلم. أشار إليه النووي في شرح مسلم.


قال الحافظ: ويؤيده رواية أحمد من وجه آخر، وتكون الدعوى واحدة، "وهذا خلاف ما هو حكم الشرع اليوم، فإن الكتابي إذا بذل" أي: أعطي "الجزية وجب قبولها، ولم يجز" بالزاي "قتله" لقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} الآية، وفي نسخة: لم يجب بالباء بدل الزاي، وكأنه عبر بها لمطابقة ظاهر الآية، فلا ينافي أنه لا يجوز قتله وعلى قاتله ديته؛ لأن ذلك ثبت بدليل آخر، "ولا إكراهه على الإسلام، وإذا كان كذلك، فكيف يكون عيسى عليه الصلاة والسلام حاكمًا بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم، فالجواب: أنه لا خلاف أن عيسى إنما ينزل حاكمًا بهذه الشريعة المحمدية" لحديث عبد الله بن مغفل: "ينزل عيسى ابن مريم مصدقًا بمحمد على ملته" رواه الطبراني، "ولا ينزل نبي برسالة مستقلة وشريعة ناسخة" لأن هذه الشريعة لا تنسخ، "بل هو حاكم من حكام هذه الأمة" كقاض بين الخصوم بالملة المحمدية.
"وأما حكم الجزية وما يتعلق بها" من إقرارهم على إبقاء صليبهم وخنزيرهم ونحوهما حيث لم يظهروها، "فليس حكمًا مستمرًا إلى يوم القيامة، بل هو مقيد بما قبل نزول عيسى" فوضعها بعد نزوله من شريعتنا.
"وقد أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم بنسخه" بهذا الحديث، كما في عبارة النووي "وليس عيسى هو الناسخ، بل نبينا صلى الله عليه وسلم هو المبين للنسخ"، بقوله: ويضع الجزية، "فدل على أن الامتناع في ذلك الوقت من قبول الجزية، وهو شرع نبينا صلى الله عليه وسلم" في ذلك الوقت لا قبله، "أشار إليه النووي في شرح مسلم" ولخصه الحافظ بأوجز عبارة، بقوله قال النووي معنى وضع الجزية، مع أنها

<<  <  ج: ص:  >  >>