"فإن قلت: ما المعنى" أي: السر والحكمة "في تغيير حكم الشرع عند نزول عيسى عليه الصلاة والسلام في" منع "قبول الجزية" أهو تعبدي أم معقول المعنى، "فأجاب" أي: فأقول في ذلك، أجاب: فلا حاجة للفاء لدخولها على ماض مترف، وهو صالح لكونه جواب الشرط، ونقل البدر بن مالك جوازه، اعترض بأن ظاهره الإطلاق، وليس كذلك، بل الماضي المتصرف، المجرد ثلاثة أضرب: ضرب لا يجوز اقترانه بالفاء، وهو المستقبل الذي لم يقصد به وعد أو وعيد، نحو: إن قام زيد قام عمرو، وضرب يجب اقترانه بالفاء، وهو المستقبل الماضي لفظًا ومعنى، نحو: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ} ، وقد معه مقدرة، وضرب يجوز اقترانه بالفاء وهو المستقبل معنى، وقصد به وعد أو وعيد، نحو: ومن جاء بالسيئة فكبت، لأنه إذا كان وعدًا أو وعيدًا حسن أن يقدر ماضي المعنى، فعومل معاملة الماضي حقيقة، وقد نص أبوه على هذا التفصيل في شرح كافيته "ابن بطال" أبو الحسن علي في شرح البخاري، "بأنا إنما قبلناها نحن لاحتياجنا إلى المال، وليس يحتاج عيسى عليه الصلاة والسلام عند خروجه" أي: ظهوره ونزوله من السماء إلى الأرض "إلى مال لأنه يفيض" بفتح أوله، وكسر الفاء، وبالضاد المعجمة، أي: يكثر "في أيامه المال حتى لا يقبله أحد" كما قال في الصحيحين ولمسلم في رواية: وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد. قال الحافظ: وسبب كثرته نزول البركات بسبب العدل وعدم الظلم، وحينئذ تخرج الأرض كنوزها ويقل الراغب في اقتناء المال لعلمهم بقرب الساعة، "فلا يقبل إلا القتل" أي: لا يحكم إلا به، فعبر بنفي القبول عن فعل القتل تجوزًا، نحو: وزججن الحواجب والعيونا، "أو الإيمان بالله وحده، انتهى" جواب ابن بطال. "وأجاب الشيخ ولي الدين" أحمد "ابن العراقي؛ بأن قبول الجزية من اليهود