"قال: وهذا معنى حسن مناسب لم أر من تعرض له، قال: وهذا أولى مما ذكره ابن بطال، انتهى" وكان وجه أولويته، أنه مبني على علة معنوية معقولة دون جواب ابن بطال، وهو ظاهر في زوال شبهة النصارى بنزول. وأما زوالها عن اليهود بنزوله، فكأنه لأنهم زعموا هم والنصارى بقاء شرعهما مع شريعة الإسلام، وفي الفتح قال العلماء: الحكمة في نزول عيسى دون غيره من الأنبياء للرد على اليهود في زعمهم أنهم قتلوه، فبين الله كذبهم؛ وأنه الذي يقتلهم، أو نزوله لدنو أجله ليدفن في الأرض، إذ ليس لمخلوق من التراب أن يموت في غرها، وقيل: إنه دعا الله لما رأى صفة محمد وأمته أن يجعله منهم، فاستجاب الله دعاءه وأبقاه حتى ينزل في آخر الزمان مجددًا لأمر الإسلام، فيوافق خروج الدجال فيقتله، والأول أوجه. وفي مسلم عن ابن عمرو: أنه يمكث في الأرض بعد نزوله سبع سنين، وروى نعيم بن حماد في كتاب الفتن من حديث ابن عباس: أن عيسى إذ ذاك يتزوج في الأرض، ويقيم بها تسع عشرة سنة، وبإسناد فيه مبهم عن أبي هريرة: يقيم بها أربعين سنة. وروى أحمد وأبو داود بإسناد صحيح، عن أبي هريرة مرفوعًا: "ينزل عيسى عليه السلام وعليه ثوبان ممصران، فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويدعو الناس إلى الإسلام، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، وتقع الأمنة في الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل، وتلعب الصبيان بالحيات، فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون"، انتهى.