للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك من يقول من العلماء بنبوة الخضر.


واختلف في موته قبل رفعه لظاهر قوله تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران: ٥٥] الآية.
قال الحافظ: وعليه إذا نزل إلى الأرض، ومضت المدة المقدورة له يموت ثانيًا، وقيل: معنى متوفيك رافعك من الأرض، فعليه لا يموت إلا في آخر الزمان، وقال في موضع آخر: رفع عيسى وهو حي على الصحيح، ولم يثبت رفع إدريس وهو حي من طريق مرفوعة قوية، انتهى.
وفي الإصابة: عيسى ابن مريم بنت عمران رسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم، ذكره الذهبي في التجريد مستدركًا على من قبله، فقال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، وسلم عليه، فهو نبي وصحابي، وهو آخر من يموت من الصحابة، وألغزه القاضي تاج الدين السبكي في قصيدته التي في أواخر القواعد له، فقال:
من باتفاق جميع الخلق أفضل من ... خير الصحاب أبي بكر ومن عمر
ومن علي ومن عثمان وهو فتى ... من أمة المصطفى المختار من مضر
وأنكر مغلطاي على من ذكر خالد بن سنان في الصحابة، كأبي موسى المديني، وقال: إن ذكره لكونه ذكر النبي صلى الله عليه وسم، فكان ينبغي له أن يذكر عيسى وغيره من الأنبياء، أو من ذكره هو من الأنبياء غيرهم، ومن المعلوم أنهم لا يذكرون في الصحابة، انتهى.
ويتجه ذكر عيسى خاصة لأمور اقتضت ذلك، وهي رفعه حيًا على أحد القولين، وأنه ينزل إلى الأرض، فيقتل الدجال، وأنه يحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم؛ فبهذه الثلاث يدخل في تعريف الصحابي، وهو الذي عليه عول الذهبي، انتهى كلام الإصابة.
ويؤيده اجتماعه بالمصطفى مرات في غير ليلة الإسراء في الطواف وغيره؛ كما تقدم قريبًا من رواية ابن عساكر وابن عدي عن أنس، ونقل السيوطي عن العلم القرافي؛ أنه تعقب قول الناظم وهو فتى؛ بأنه إن كان عني عيسى؛ فلا يطلق اسم الفتى على الأنبياء، إنما يسمى به الصبيان والعبيد والخدم، وإن أراد إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يطلق عليه فتى، فقد نص الأزهري على أن الصبي لا يسمى فتى حتى يراهق، وإن أراد الحسن فأبو بكر أفضل منه، فلو قال شخص بدل فتى صح على عيسى وعلى إبراهيم وعلى فاطمة؛ لحديث: "فاطمة بضعة مني"، قال مالك: لا أفضل على بضعة من النبي صلى الله عليه وسلم أحدًا، انتهى.
"وكذلك من يقول" وهم الجمهور؛ كما قال ابن عطية، والمازري، والبغوي، والقرطبي "من العلماء بنبوة الخضر" قائلين: لأن قوله تعالى: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} الآية، يدل على أنه نبي يوحى إليه، ولأن النبي لا يتعلم ممن هو دونه، ولأن الحكم بالباطن لا يطلع عليه إلا الأنبياء، ثم اختلفوا في أنه رسول الله أم لا؟ فقال الثعلبي: الخضر نبي بعثه الله بعد شعياء، وقالت

<<  <  ج: ص:  >  >>