للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.................................................................


عليه بين الصوفية وأهل الصلاح، وحكاياتهم في رؤيته والاجتماع به، والأخذ عنه، وسؤاله وجوابه، ووجوده في المواضع الشريفة أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر.
قال في الإصابة: لا يقال يستفاد من هذه الأخبار التواتر المعنوي؛ لأن المتواتر لا يشترط فيه عدالة، إنما العمدة على وروده بعدد تحيل العادة تواطأهم على الكذب، فإن اتفقت ألفاظه فذاك، وإن اختلفت فمهما اجتمعت فهو التواتر المعنوي، وهذه الحكايات تجتمع في أن الخضر حي، لأنا نقول بطرق حكاية القطع قول جماعة من الصوفية لكل زمان، وأنه نقيب الأولياء، وكلما مات نقيب أقيم نقيب مقامه، وسمي الخضر، فلا نقطع مع هذا أن الذي ينقل عنه الخضر صاحب موسى، بل هو خضر ذلك الزمان، ويؤيده اختلافهم في صفته، فمنهم من يراه شيخًا، أو كهلا، أو شابًّا، وهو محمول على تغاير المرئي وزمانه، انتهى.
وروى ابن إسحاق في المبتدأ عن أصحابه: أن آدم أخبر بنيه عند الموت بأمر الطوفان، ودعا لمن يحفظ جسده حتى يدفنه بالتعمير، فجمع نوح بينه لما وقع الطوفان، وأعلمهم بذلك، فحفظوه حتى كان الذي تولى دفنه الخضر.
وروى خيثمة بن سليمان، عن جعفر الصادق، عن أبيه: أن ذا القرنين كان له صديق من الملائكة، فطلب منه أن يدله على شيء يطول به عمره، فدله على عين الحياة، وهي داخل الظلمة، فسار إليها والخضر على مقدمته، فظفر بها الخضر، فشرب منها، وتوضأ، واغتسل فيها، ولم يظفر بها ذو القرنين، فلا يموت حتى يرفع القرآن.
وأخرج ابن عدي بسند ضعيف عن عمرو بن عوف: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع وهو في المسجد كلامًا، فقال: "يا أنس اذهب إلى هذا القائل، فقل له يستغفر لي". فذهب إليه، فقال: قل إن الله فضلك على الأنبياء بما فضل به رمضان على الشهور، وفضل أمتك على الأمم مثل ما فضل يوم الجمعة على سائر الأيام، فذهبوا ينظرونه، فإذا هو الخضر.
وروى ابن عساكر نحوه، عن أنس بإسناد، أوهى منه، قال ابن المنادى: حديث واهٍ منكر الإسناد سقيم المتن، لم يراسل الخضر بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقه، واستبعده ابن الجوزي من جهة إمكان لقيه له صلى الله عليه وسلم، واجتماعه معه ثم لا يجيء إليه وجاء في اجتماعه ببعض الصحابة أخبار أكثره واهي الإسناد، وقد جزم بموته، وأنه غير موجود الآن: البخاري وإبراهيم الحربي، وأبو جعفر بن المناد، وأبو يعلى بن الفراء، وأبو طاهر العبادي، وأبو بكر بن العربي وطائفة.
قال ابن عطية: أخرج النقاش أخبارًا كثيرة تدل على بقائه، لا يقوم بشيء منها حجة، قال: لو كان باقيًا كان له في ابتداء الإسلام ظهور، ولم يثبت شيء من ذلك؛ انتهى، وعمدتهم الحديث المشهور عن ابن عمر وجابر، وغيرهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في آخر حياته: "لا يبقى

<<  <  ج: ص:  >  >>