للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك إلياس..................................................


على وجه الأرض بعد مائة سنة ممن هو عليها اليوم أحد". قال ابن عمر: أراد بذلك انخرام قرنه، وأجاب: من أثبت حياته، بأنه كان حينئذ على وجه البحر، أو هو مخصوص من الحديث؛ كما خص منه إبليس باتفاق، ومن حجج من أنكر ذلك قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} الآية، وحديث ابن عباس: "ما بعث الله نببيًا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه". ولم يأت في خبر صحيح، أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا قاتل معه، وقد قال صلى الله عليه وسلم يوم بدر: "اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض"، فلو كان الخضر موجودًا لم يصح هذا النفي، وقال صلى الله عليه وسلم: "رحم الله موسى، لوددنا لو كان صبر حتى يقص الله علينا من خبرهما"، فلو كان الخضر موجودًا لما حسن هذا التمني ولأحضره بين يديه، وأراه العجائب، وكان أدعى لإيمان الكفرة لا سيما أهل الكتاب، وقد بسط الكلام فيه في الإصابة بنحو كراس، وألم بشيء منه في فتح الباري من جملته: روى يعقوب بن سفيان في تاريخه، وأبو عروبة عن رياح بتحتية ابن عبيدة، قال: رأيت رجلا يماشي عمر بن عبد العزيز معتمدًا على يديه، فلما انصرف، قلت له: من الرجل؟، قال: رأيته؟ قلت: نعم، قال: أحسبك رجلا صالحًا، ذاك أخي الخضر، بشرني أني سألي وأعدل، لا بأس برجاله، ولم يقع لي إلى الآن خبر، ولا أثر بسند جيد غيره، وهذا لا يعارض الحديث في مائة سنة؛ لأنه كان قبل المائة، انتهى.
قال في الإصابة: وعلى بقائه إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم وحياته بعده، فهو داخل في تعريف الصحابي على أحد الأقوال، ولم أر من ذكره فيهم من القدماء، مع ذهاب الأكثر إلى الأخذ بما ورد من أخباره في تعميره وبقائه.
"وكذلك إلياس" بهمزة قطع اسم عبراني، وأما قوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} الآية، فقرأه الأكثر بصورة الاسم المذكورة، وزيادة ياء ونون في آخره، وقرأه أهل المدينة: "آل ياسين"، بفصل آل من ياسين، وبعضهم تأول أن المراد آل محمد، وهو بعيد، ويؤيد الأولى أن الله تعالى إنما أخبر في كل موضع ذكر فيه نبيًا من الأنبياء في هذه السورة بأن السلام عليه، فكذلك السلام في هذا الموضع على المبدأ بذكره في قوله تعالى: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} الآية، وإنما زيدت فيه الياء والنون، كما قالوا في إدريس إدراسين، ونقل بعضهم الإجماع على أن إدريس جد نوح، وفيه نظر؛ لأنه إن ثبت قول ابن عباس: أن إلياس هو إدريس، لزم أن إدريس من ذرية نوح؛ لقوله تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} الآية، إلى أن قال: {وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ} الآية، سواء كان ضمير ذريته لنوح أو لإبراهيم؛ لأن من كان من ذريته هو من ذرية نوح لا محالة.
وذكر ابن إسحاق: أن إلياس هو ابن نسي بن فينحاس، ابن العزر بن هارون أخي موسى بن

<<  <  ج: ص:  >  >>