للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشريعتهم فليس مني، وهو مني برئ، وأجعلهم أفضل الأمم، وأجعلهم أمة وسطًا شهداء على الناس، إذا غضبوا هللوني، وإذا تنازعوا سبحوني، يطهرون الوجوه والأطراف، ويشدون الثياب إلى الأنصاف، ويهللون على التلول والأشراف، قربانهم دماؤهم، وأنا جيلهم في صدورهم، رهبانًا بالليل ليوثًا بالنهار، طوبى لمن كان معهم، وعلى دينهم ومنهاجهم وشريعتهم، وذلك فضلي أوتيه من أشاء، وأنا ذو الفضل العظيم. رواه أبو نعيم.

وقد ذكر الإمام فخر الدين: أن من كانت معجزاته أظهر يكون ثواب أمته أقل، قال السبكي: إلا هذه الأمة، فإن معجزات نبيها أظهر وثوابها أكثر من سائر الأمم.


وشريعتهم فليس مني" لكفره، "وهو مني بريء، وأجعلهم أفضل الأمم، وأجعلهم أمة وسطًا" خيارًا عدولا، "شهداء على الناس" يوم القيامة، إن رسلهم بلغتهم، "إذا غضبوا هللوني" قالوا: لا إله إلا الله، ولا يعملون بمقتضى الغضب، "وإذا تنازعوا" في شيء بينهم "سبحوني" فهم يذكرونه في جميع أحوالهم، "يطهرون الوجوه والأطراف" الأيدي والأرجل في الوضوء، "ويشدون الثياب إلى الأنصاف" من سوقهم، اقتداء بنبيهم، ولا يرخونها إلى أسفل من ذلك تيها وتكبرًا، "ويهللون على التلول" جمع تل الأمكنة العالية، "والأشراف" جمع شرف، بفتحتين المكان العالي، فالعطف مساوٍ حسنه اختلاف اللفظ ومراعاة الفاصلتين، "قربانهم دماؤهم" أي: أضاحيهم وهداياهم، أو المراد أنهم متهيئون للجهاد في سبيل الله، فكأنهم يتقربون إلى الله بدماء أنفسهم، أو بدماء من قتلوه من الكفار؛ كما قال كعب بن زهير في مدح الأنصار:
يتقربون يرونه نسكا لهم ... بدماء من علقوا من الكفار
وفي الأنموذج قربانهم ودماؤهم، وروى ابن عدي مرفوعًا: "إن الصلاة قربان المؤمن"، وفي حديث: "الصلاة قربان كل تقي"، أي: الصلاة من المتقي بمنزلة الهدايا والضحايا لفاقدهما. "وأناجيلهم" مصاحفهم محفوظة "في صدورهم، رهبانًا" عبادًا "بالليل ليوثًا" أسدًا على الأعداء، "بالنهار طوبى" فرح وقرة عين وشجرة في الجنة، "لمن كان معهم وعلى دينهم ومنهاجهم" طريقتهم، "وشريعتهم، وذلك فضلي أوتيه من أشاء، وأنا ذو الفضل" الإحسان "العظيم" فلا حجر في تخصيصهم بهذه الفضائل دون غيرهم، "رواه أبو نعيم" الأصبهاني.
"وقد ذكر الإمام فخر الدين" الرازي: "أن من كانت معجزاته أظهر، يكون ثواب أمته أقل"، لأن قوة ظهورها يلجئ إلى الإيمان.
قال السبكي: "إلا هذه الأمة، فإن معجزات نبيها أظهر، وثوابها أكثر من سائر الأمم".

<<  <  ج: ص:  >  >>