للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن خصائص هذه الأمة إحلال الغنائم، ولم تحل لأحد قبلها


فضلا من الله ونعمة.
"ومن خصائص هذه الأمة إحلال الغنائم" وابتداء ذلك في غزوة بدر، وفيها نزل: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} الآية، كما في الصحيح من حديث ابن عباس، وعند ابن إسحاق: أول غنيمة خمست غنيمة السرية التي كان عليها عبد الله بن جحش، وهو قبل بدر بشهرين.
قال الحافظ: ويمكن الجمع بما ذكر ابن سعد؛ أنه صلى الله عليه وسلم أخر غنيمة تلك السرية حتى رجع من بدر، فقسمها مع غنائم أهل بدر، "ولم تحل لأحد" من الأمم، وفي نسخة لأمة "قبلها" والمراد بها ما أخذ من الكفار بقهر وغيره، فنعم الفيء؛ إذ كل منهما انفرد عن الآخر.
روى النسائي، عن أبي هريرة رفعه: "إن الله أطعمنا الغنائم، رحمة رحمنا بها، تخفيفًا خففه عنا، لما رأى من ضعفنا وعجزنا، فأحلها لنا".
وفي حديث جابر في الصحيحين: "وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي".
قال الخطابي: كان من تقدم على ضربين منهم من لم يؤذن له في الجهاد فلم يكن لهم مغانم، ومنهم من أذن له فيه، لكن كانوا إذا اغتنموا شيئًا لم يحل لهم أن يأكلوه، وجاءت نار فأحرقته.
وقيل: المراد أنه خاص بالتصرف في الغنيمة، يصرفها حيث شاء، والأقل الأول أصوب، وهو أن من مضى لم تحل لهم الغنائم أصلا، ذكره الحافظ، ويرجع ما صوبه قوله: "ولم تحل لأحد قبلي"؛ لأنه التقييد بالقبلية بطريق المفهوم؛ أنها حلت له ولأمته.
وروى الترمذي بسند صحيح، عن أبي هريرة رفعه: "لم تحل الغنائم لأحد، سود الرءوس من قبلكم، كانت تجمع فتنزل نار من السماء فتأكلها".
قال في الفتح: كان من مضى يغزون ويأخذون أموال أعدائهم وإسلابهم، لكن لا يتصرفون فيها، بل يجمعونها، وعلامة قبول غزوهم أن تنزل نار من السماء فتأكلها، وعلامة عدم قبوله أن لا ينزل، ومن أسباب عدم القبول الغلول، وقد من الله على هذه الأمة بشرف نبيها عنده، فأحل لهم الغنيمة، وستر عليهم الغلول، وستر عليهم فضيحته، ودخل في عموم أكل النار الغنيمة السبي وفيه بعد، لأن مقتضاه إهلاك الذرية ومن لم يقاتل من النساء، ويمكن أن يستثنوا من ذلك، ويلزم منه استثناؤهم من تحريم الغنائم عليها، ويؤيده أنه كانت لهم عبيدًا وإماء، فلو لم يجز لهم السبي لما كان لهم أرقاء، ولم أر من صرح بذلك انتهى، ونظر فيه شيخنا بأنه كان في شرع يعقوب إذا سرق إنسان شيئًا، ووجد عنده جعل السارق رقيقًا للمسروق منه، وجزم بعضهم باستثناء الذرية من أكل

<<  <  ج: ص:  >  >>