للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجعلت لهم الأرض مسجدًا ولم تكن الأمم تصلي إلا في البيع والكنائس، وجعلت تربتها لهم طهورًا وهو التيمم. وفي رواية أبي أمامة عند البخاري: "وجعلت الأرض كلها لي ولأمتي مسجدًا وطهورًا". وفي رواية مسلم من حديث حذيفة: "وجعلت لنا الأرض كلها لي ولأمتي مسجدًا، وجعلت تربتها طهورًا إذا لم نجد الماء".


النار، يفهم منه أنها كانت تحل لغير هذه الأمة. وفي شرح المشارق للشيخ أكمل الدين أنهم كانوا إذا أغنموا حيوانات تكون ملكًا للغانمين دون أنبيائهم، وإذا أغنموا غير الحيوانات، جمعوها، فتجيء نار فتحرقها.
"وجعلت لهم الأرض مسجدًا" أي: موضع سجود، لا يختص السجود منها بموضع دون غيره، ويمكن أنه مجاز عن المكان المبني للصلاة من مجاز التشبيه؛ لأنه لما جازت الصلاة جميعها كانت كالمسجد في ذلك.
"ولم تكن الأمم تصلي إلا في البيع" كنائس النصارى، وقيل: اليهود، فقوله "والكنائس" عطف تفسير على الأول: جمع كنيسة، متعبد النصارى، وقيل: اليهود، وعبارة المصنف فيما مر عن الفتح إلا في نحو البيع والصوامع، أي: متعبد الرهبان، فإن تعذر مجيئهم لها لنحو سفر، لم يصلوا على ظاهره، فيسقط عنهم أداؤها، ويقضون إذا رجعوا؛ كما جزم به بعض شراح الرسالة في فقه المالكية.
ويؤيده ظاهر قوله في حديث ابن عباس: "ولم يكن من الأنبياء أحد يصلي حتى يبلغ محرابه"، فما قيل: هل تسقط عنهم مطلقًا أو محل الحضر في نحو البيع في الحضر.
أما في السفر، فتباح في غيرها، ويكون محل خصوصيتنا الصلاة بأي محل، ولو بجوار المسجد، وسهولة الصلاة فيه تقصير، ويمنع الثاني أن القيد لا بد له من دليل، مع أن ظاهر قوله حتى يبلغ محرابه يمنعه، وتقدم هذا مرتين: "وجعلت تربتها لهم طهورًا" بفتح الطاء على المشهور، أي مطهرًا لغيره، لا طاهرًا، وإلا لزم تحصيل الحاصل، ولم تثبت الخصوصية، "وهو التيمم" لفقد الماء حسدًا، أو حكمًا بعدم القدرة على استعماله.
وفي رواية أبي أمامة عند البخاري: "وجعلت الأرض كلها لي، ولأمتي مسجدًا وطهورًا" فصرح بمشاركة أمته له فيهما.
وفي رواية مسلم من حديث حذيفة: "وجعلت لنا الأرض كلها لي ولأمتي مسجدًا، وجعلت تربتها طهورًا، إذا لم نجد الماء". أو لم نقدر على استعماله، وبه احتج للشافعي وأحمد على تخصيص التيمم بالتراب، وأجيب بأن تربة كل مكان ما فيه من تراب أو غيره، وقد قال تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>