للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........................................


بامرأة، وهي من أحسن النساء، فأرسل إليه أن يا إبراهيم من أين هذه التي معك؟ فقال: أختي، ثم رجع إليها، فقال: لا تكذبي حديثي فإني أخبرتهم أنك أختي، والله ما على الأرض مؤمن غيري وغيرك، فأرسل بها إليه، فقام إليها، فقامت تتوضأ وتصلي، فقالت: اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك، وأحصنت فرجي إلا على زوجي، فلا تسلط علي الكافر، فغط حتى ركض برجله".
قال الأعرج: قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: إن أبا هريرة قال: قالت: اللهم إن يمت يقال هي قتلته، فأرسل، ثم قام إليها، فقامت تتوضأ وتصلي، وتقول: اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي، فلا تسلط علي هذا الكافر، فغط حتى ركض برجله، قال الأعرج: قال أبو سلمة: قال أبو هريرة: قالت: اللهم إن يمت يقال هي قتلته، فأرسل في الثانية أو في الثالثة، فقال: ما أرسلتم إلي إلا شيطانًا، أرجعوها إلى إبراهيم وأعطوها أجر، فرجعت إلى إبراهيم، فقالت: أشعرت أن الله كبت الكافر، وأخدم وليدة، أخرجه أيضًا مسلم وأحمد وغيرهما من طرق في ألفاظها اختلاف، ليس هذا موضع بيانه.
قال في فتح الباري: قوله: فأرسل إليه ظاهر في أنه سأله عنها أولا، ثم أعلمها بذلك لئلا تكذبه عنده، وفي رواية هشام بن حسان عن ابن سرين عن أبي هريرة عند البزار والنسائي وابن حبان، أنه قال لها: إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي، وإنك أختي في الإسلام، فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه، فقال: لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها، فيجمع بينهما بأن إبراهيم أحس بأنه سيطلبها منه، فأوصاها، فلما وقع ما خشيه، أعاد عليها الوصية، واختلف في السبب الحامل له على الوصية، مع أن مراده غصبها أختًا كانت أو زوجة، فقيل: كان من شأنه أن لا يتعرض إلا لذات الزوج، فأراد إبراهيم دفع أعظم الضررين بارتكاب أخفهما؛ لأن اغتصابه واقع لا محالة، لكن إن علم لها زوجًا حملته على قتله، أو حبسه وإضراره، بخلاف الأخ، فالغيرة حينئذ من قبله خاصة، لا من قبل الجبار، فلا يبالي به، وهذا تقرير جاء صريحًا عن وهب بن منبه، رواه عبد بن حميد عنه.
وذكر ابن الجوزي في مشكل الصحيحين، وتبعه المنذري في حواشي السنن عن بعض أهل الكتاب، أن الجبار كان من رأيه أن لا يقرب ذات زوج حتى يقتله، فلذا قال إبراهيم: هي أختي؛ لأنه إن كان عادلا خطبها منه ثم يرجو مدافعته عنها، وإن كان ظالمًا خلص من القتل، وليس هذا يبعد من الأول.
وقيل: كان من دين الجبار أن الأخ أحق بأن أخته زوجته، فقال: هي أختي اعتمادًا على

<<  <  ج: ص:  >  >>