للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن قال في فتح الباري: فيه نظر: لأنه ثبت في البخاري في قصة سارة -عليها السلام- مع الملك الذي أعطاها هاجر: لما هم الملك بالدنو منها قامت تتوضأ وتصلي.


بخلاف الغرة والتحجيل، فمجرد فضيلة وتشريف للمتوضئ، فلا يكونان لسواه، ومن ثم قال شيخ الإسلام زكريا في شرح البخاري، لا تحصل الغرة والتحجيل إلا لمن توضأ بالفعل، أما من لم يتوضأ، فلا يحصلان له.
قال شيخنا في حواشي الرملي: ومن نقل عنه خلاف ذلك فقد أخطأ إنما هو قول للزناتي لا لشيخ الإسلام، وينبغي على قوله أن ذلك خاص بمن توضأ حال حياته، فلا يدخل من وضأه الغاسل، وبقي أيضًا ما لو تيمم ولم يتوضأ، هل يحصل له ذلك أم لا؟ وفيه نظر، وينبغي أن يحصل لقيامه مقام الوضوء، انتهى.
"لكن قال في فتح الباري: فيه" أي: استدلاله بهذا الحديث "نظر" لأن الذي دل على أنه خصوصية إنما هو الغرة والتحجيل، لا أصل الوضوء، "لأنه ثبت في البخاري في قصة سارة" بخفة الراء، وقيل بتشديدها، واختلف في اسم أبيها، فقيل: هاران ملك حران، تزوجها إبراهيم لما هاجر من بلاد قومه إلى حران، وإن هذا هو السبب في إعطاء الملك لها هاجر، وأنه قال لإبراهيم: رأيتها تطحن، وهي لا تصلح أن تخدم نفسها، وقيل هي بنت أخيه، وكان ذلك جائزًا في شرعه، حكاه ابن قتيبة والنقاش واستبعد، وقيل: بنت عمه، وتوافق الاسمان، وقيل: اسم أبيها نويل "عليها السلام" وهي إحدى النسوة اللاتي قيل بنبوتهن "مع الملك الذي أعطاها هاجر" بالهاء، رواه البخاري في أحاديث الأنبياء، وبهمزة بدلها، رواه في البيوع، وكذا مسلم، وفتح الجيم عليهما اسم سرياني، يقال: إن أباها كان من ملوك القبط، من حفن، بفتح المهملة، وسكون الفاء قرية بمصر كانت مدينة، وهي الآن كفر من عمل أنصنا بالبر الشرقي من الصعيد، وفيها آثار عظيمة باقية، "لما هم الملك" عمرو بن امرئ القيس بن سبأ، وكان على مصر، ذكره السهيلي، وهو قول ابن هشام في التيجان.
وقيل: اسمه صادف، وكان على الأردن، حكاه ابن قتيبة، وقيل سنان بن علوان بن عبيد بن جريج بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح، حكاه الطبري، ويقال: إنه الضحاك الذي ملك الأقاليم: "بالدنو منها، قامت تتوضأ وتصلي"، ففيه أن الوضوء كان مشروعًا للأمم قبلنا، وليس مختصًا بهذه الأمة، ولا بالأنبياء لثبوت ذلك عن سارة، والجمهور أنها ليست نبية.
أخرج البخاري من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "هاجر إبراهيم بسارة، فدخل بها قرية ملك من الملوك، أو جبار من الجبابرة، فقيل: دخل إبراهيم

<<  <  ج: ص:  >  >>