للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقصد عباداته عليه السلام، وتقدم ما يشهد له.

ووهب لهم من علمه وحلمه، وجعلهم خير أمة أخرجت للناس، وكمل لهم من المحاسن ما فرقه في الأمم، كما كمل لنبيهم من المحاسن ما فرقه في الأنبياء قبله، كما كمل في كتابهم من المحاسن ما فرقه في الكتب قبله، وكذلك في شريعته.

فهذه الأمة هم المجتبون، كما قال إلههم: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] ، وجعلهم شهداء على الناس، فأقامهم في ذلك مقام الرسل الشاهدين على أممهم، أشار إليه ابن القيم.

ومنها: أنهم لا يجتمعون على ضلالة. رواه أحمد في مسنده، والطبراني في الكبير، وابن أبي خيثمة في تاريخه عن أبي بصرة.


مقصد عباداته عليه السلام وتقدم ما يشهد له" قريبًا، "ووهب لهم من علمه وحلمه" كمالات كثيرة لم تحصل لغيرهم، "وجعلهم خير أمة أخرجت للناس، وكمل لهم من المحاسن ما فرقه في الأمم" فجمعوا محاسن كل أمة، "كما كمل لنبيهم من المحاسن ما فرقه في الأنبياء قبله" وزاده عليهم "وكما كمل في كتابهم من المحاسن ما فرقه في الكتب قبله، وكذلك في شريعته فهذه الأمة هم المجتبون" أي: الذين اختارهم الله لدينه ولنصره؛ "كما قال إلههم" جل وعلا: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} ، أي: ضيق "وجعلهم شهداء على الناس, فأقامهم في ذلك مقام الرسل الشاهدين على أممهم أشار إليه ابن القيم"، وذكر ابن عبد السلام أنهم نزلوا منزلة العدول من الحكام فيشهدون على الناس أن رسلهم بلغتهم ما جاءوا به عن الله، قال تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} ، قال: وهذه خصيصية لم تثبت لغيرهم.
"ومنها: أنهم لا يجتمعون على ضلالة" أي: محرم، باعتقاد خلاف لواقع، فيشمل كل حكم اعتقد فيه خلاف ما هو عليه في نفس الأمر، فلا يجتمعون على نفي مكروه، لا ندب مندوب، ولا إباحة مباح، بل متى اجتمعوا على حكم، كان عند الله كذلك؛ كما أفاده كلام الشيخ ولي الدين، ويأتي، ولكن قيدوا الأمة هنا بالعلماء، لأن العامة عنها تأخذ دينها، وإليها يفزع في النوائب، فاقتضت الحكمة حفظها، "رواه أحمد في مسنده والطبراني" سليمان بن أحمد بن أيوب "في" معجمه "الكبير، وابن أبي خيثمة" أحمد بن زهير بن حرب البغدادي "في تاريخه" وهو كبير، قال في محمد بن سلام الجمحي: لا أعرف أغزر من فوائده، "عن أبي بصرة" بفتح الموحدة، وإسكان الصاد المهملة، واسمه حميل، بضم الحاء المهملة، ولام آخره،

<<  <  ج: ص:  >  >>