للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} ، فهذا فضل {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: ٤٠] ، فهذا تحريم للظلم.

وقوله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} ، فهذا إيجاب للعدل وتحريم للظلم {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: ١٢٦] ندب إلى الفضل.

وكذلك تحريم ما حرم على هذه الأمة صيانة وحمية لهم، حرم عليهم كل خبيث وضار، وأباح لهم كل طيب ونافع، فتحريمه عليهم رحمة، وعلى من كان قبلهم لم يخل من عقوبة، كما أشرت إليه قريبًا.

وهداهم لما ضلت عنه الأمم قبلهم كيوم الجمعة، كما سأذكره إن شاء الله تعالى في.


كانوا يسبونه بعد إسلامه بما كان منه قبله، فكفوا عنه، {فَمَنْ عَفَا} عن ظلمه {وَأَصْلَحَ} الود بينه وبينه بالعفو عنه، {فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} أي: إن الله يأجره لا محالة، "فهذا فضل.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من عفا عند القدرة عفا الله عنه يوم العسرة"، رواه الطبراني، وقال: "من عفا عن دم لم يكن له ثواب إلا الجنة". رواه الخطيب.
وقال عليه السلام: "من عفا عن قاتله دخل الجنة"، رواه ابن منده، أي: مع السابقين، أو بلا سبق عذاب أو هو إعلام بوفاته على الإسلام وإلا من سوء الخاتمة {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} أي: البادين بالظلم فيرتب عليه عقابهم، "فهذا تحريم للظلم" وفي الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا، فلا تظالموا". "وقوله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} ، هذا إيجاب للعدل وتحريم للظلم" وهو العقاب بغير مثل ما عوقبوا به، {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ} عن العقاب، {لَهُوَ} أي الصبر {خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} ندب على الفضل دون إيجابه فترتاح النفوس، بذكره وتسمح به، "وكذلك تحريم ما حرم الله على هذه الأمة صيانة وحمية لهم" عما يضرهم كالميتة والدم المسفوح، "حرم عليهم كل خبيث" كما قال {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} ، "وضار" كالخنزير، "وأحل لهم كل طيب" أي: مستلذ لا ضر فيه؛ كما قال: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} ، "ونافع" للبدن والعقل، "فتحريمه عليهم رحمة وعلى من كان قبلهم لم يخل من عقوبة؛ كما أشرت إليه قريبًا" في قوله: "وقد كان بنو إسرائيل إذا نسوا شيئًا مما أمروا به وأخطئوا عجلت لهم العقوبة"، فحرم عليه شيء من مطعم أو مشرب، "وهداهم لما ضلت عنه الأمم قبلهم؛ كيوم الجمعة كما سأذكره إن شاء الله تعالى في

<<  <  ج: ص:  >  >>