للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأوتادًا ونجباء وأبدالا.

عن أنس مرفوعًا: "الأبدال أربعون رجلا


عالم الملكوت والآخر على عالم الملك، والأول أعلى مقامًا من الثاني. "وأوتادًا" أربعة في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون وهم العمد وهم حكم الجبال في الأرض، ولذا سموا أوتادًا يحفظ الله بأحدهم المشرق، والآخر المغرب، والآخر الجنوب، والآخر الشمال. وروى ابن عساكر من حديث علي الأوتاد من أبناء الكوفة، أي: أصلهم لا أنها مقرهم. وروى الحكيم الترمذي عن أبي الدرداء أن الأنبياء كانوا أوتاد الأرض، فلما انقطعت النبوة أبدل الله مكانهم قومًا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم لم يفضلوا الناس بكثرة صوم ولا صلاة لكن بحسن الخلق والنية وصدق الورع وسلامة القلوب للمسلمين والنصح لله في ابتغاء مرضاته بصبر وحلم ولب وتواضع في غير مذلة فهم خلفاء الأنبياء قوم اصطفاهم الله لنفسه، واستخلصهم لعلمه يدفع الله بهم المكاره عن الأرض والبلايا عن الناس وبهم يرزقون ويمطرون. قال الحكيم: فهؤلاء أمان هذه الأمة فإذا ماتوا أفسدت الأرض وخربت الدنيا؛ وذلك قوله تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} "ونجباء" سبعون مسكنهم مصر ورتبتهم فوق النقباء ودون الأبدال على ما يأتي، "وأبدالا" بفتح الهمز جمع بدل سموا بذلك؛ لأنه إذا مات واحد أبدل مكانه آخر أو لأنهم أعطوا من القوة أن يتركوا بدلهم حيث يريدون، أي: أخلفوا صورة تحاكي صورتهم بحيث أن كل من رآها لا يشك في أنه هو، وهو لفظ مشترك يطلقونه على من تبدلت أوصافه الذميمة لمحمودة، ويطلقونه على عدد خاص مختلف في قدره، قاله ابن عربي. وأخرج الحاكم في كتاب الكنى له عن عطاء بن أبي رباح مرسلا، الأبدال من الموالي ولا يبغض الموالي إلا منافق، قال الحافظ ابن حجر في فتاويه: الأبدال ورد في عدة أخبار منها ما يصح وما لا. وأما القطب فورد في بعض الآثار، وأما الغوث بالوصف المشتهر بين الصوفية فلم يثبت، انتهى. عن أنس مرفوعًا: "ألإبدال أربعون رجلا" وفي حديث عبادة: ثلاثون رجلا قلوبهم على قلب إبراهيم، وكل منهم يعكر على قول الرافعي الأصح أنها سبعة، وقيل: أربعة عشر. وجمع بين الحديثين بأن ثلاثين منهم قلوبهم على قلب إبراهيم والعشرة ليسوا كذلك؛ كما صرح به خبر الحكيم الترمذي عن أبي هريرة؛ ومرده حديث ابن مسعود: "لا يزال أربعون رجلا من أمتي على قلب إبراهيم". وجمع بأن البدل له إطلاقًا كما يفيده الأحاديث في تخالف علاماتهم وصفاتهم أو أنهم يكونون في زمان أربعين وفي آخر ثلاثين، ورد بقوله: ولا الأربعون، أي: ينقصون كلما مات رجل ... إلخ، أو أن تلك الأعداد اصطلاح لوقوع الخلاف في بعضهم كالأبدال فقد يكون في ذلك العدد نظروا إلى مراتب عبروا عنها بالأبدال والنقباء والنجباء والأوتاد، وغير ذلك, والحديث نظر إلى مراتب أخرى والكل متفقون

<<  <  ج: ص:  >  >>