للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها أنهم اختصوا في الآخرة بأنهم أول من تنشق عنهم الأرض من الأمم. رواه أبو نعيم عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ: "وأنا أول من تنشق الأرض عني وعن أمتي ولا فخر".

ومنها: أنهم يدعون يوم القيامة غرًا محجلين من آثار الوضوء، رواه البخاري.

والغرة: بياض في وجه الفرس. والتحجيل: بياض في قوائمه وذلك مما يكسبه حسنًا وجمالا.

فشبه صلى الله عليه وسلم النور الذي يكون يوم القيامة في أعضاء الوضوء بالغرة والتحجيل، ليفهم أن هذا البياض في أعضاء الإنسان مما يزينه لا مما يشينه، يعني أنهم إذا دعوا على رءوس الأشهاد نودوا بهذا الوصف، أو كانوا على هذه الصفة.


سبيل العدل وأساس الربوبية، وشأن هذه الأمة يجري على نهج الفضل، فمن ثم ظهر في بني إسرائيل السياحة والرهبانية، وعليهم في شريعتهم الأغلال والآصار، وظهرت في هذه الأمة السماحة، ففك عنهم الأغلال، ووضع عنهم الآصار؛ كما مر.
"ومنها: أنهم اختصوا في الآخرة؛ بأنهم أول من تنشق عنهم الأرض من الأمم" بعد الأنبياء، "رواه أبو نعيم عن ابن عباس، مرفوعًا" في حديث، "بلفظ: "وأنا أول من تنشق الأرض عني"، قيل الأنبياء، وعن أمتي" قبل الأمم، "ولا فخر" أعظم من ذلك، أو لا أقول ذلك، افتخارًا، بل تحدثا بالنعمة.
"ومنها: أنهم يدعون يوم القيامة" إلى موقف الحساب، أو الميزان، أو الصراط، أو الحوض، أو غير ذلك "غرًا" بضم المعجمة والتشديد: جمع أغر، أي: ذي غرة "محجلين من آثار الوضوء" رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة، "والغرة بياض في وجه" أي: جبهة "الفرس" فوق الدرهم "والتحجيل" أصله من الحجل، بكسر الحاء: الخلخال، "بياض في قوائمه" الأربع، أو في ثلاث منها أو في غيرها، "وذلك مما يكسبه حسنًا وجمالا، فشبه صلى الله عليه وسلم النور الذي يكون يوم القيامة في أعضاء الوضوء بالغرة والتحجيل، ليفهم أن هذا البياض في أعضاء الإنسان مما يزينه" بفتح أوله "لا مما يشينه" دفعًا لتوهم البرص لو قال: يدعون بيضًا مثلا، "يعني: أنهم إذا دعوا على رءوس الأشهاد نودوا بهذا الوصف" بأن يقال لهم: يا غر يا محجلون، "أو كانا على هذه الصفة" وهي النور الكائن في أعضائهم، وإن نودوا بأسمائهم، وظاهره حجة للشافعي من ندب إطالة الغرة بغسل زائد على ما وجب من اليدين والرجلين ومع الوجه مقدم الرأس، وصفحة العنق، وذهب الأئمة الثلاثة

<<  <  ج: ص:  >  >>