للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلا ذنوب، تمحص عنهم باستغفار المؤمنين لهم. رواه الطبراني في الأوسط من حديث أنس، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمتي أمة مرحومة تدخل قبورها بذنوبها، وتخرج من قبورها لا ذنوب عليها، تمحص عنها باستغفار المؤمنين لها


بلا ذنوب تمحص عنهم باستغفار المؤمنين لهم"بيان لسبب خروجهم بلا ذنوب، كأنه قال: لأنها تمحص عنهم بسبب طلب المغفرة لهم، والتمحيص تنقيص الشيء شيئًا فشيئًا إلى أن يذهب، فاستغفار المؤمنين يزيل الذنوب شيئًا فشيئًا، حتى تذهب، فيخرج من قبره طاهرًا منها، وقد يكون بحسابه في قبره، ويستوفي منه فيه إما بعقابه على جميعها، أو على بعضها، مع العفو عن باقيها، فيخرج أيضًا طاهرًا منها.
قال الحكيم الترمذي: إنما حوسب المؤمن في قبره ليكون أهون عليه في الموقف، فتمحص ذنوبه في البرزخ، فيخرج منه، وقد اقتص منه، وأيضًا لسرهم في المحشر حيث لم يكن عليهم ما يفتضحون به على رءوس الأشهاد، "رواه الطبراني في الأوسط من حديث أنس، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمتي" أي: أمة الإجابة "أمة مرحومة" من الله، أو من بعضهم لبعض، مغفور لها من بارئها، متوب عليها من الله، بمعنى: أنه لا يتركا مصرة على الذنب، ورواه ابن ماجه والبيهقي في البعث، بلفظ: "إن هذه الأمة مرحومة". "تدخل قبورها بذنوبها" والروايتان متفقتان معنى في صدر الحديث، ولفظًا ومعنى في باقيه، "وتخرج من قبورها لا ذنوب عليها، تمحص عنها باستغفار المؤمنين لها" فنزول جميعها حقيقة أو حكمًا بزوال معظمها للأدلة القطعية أنه لا بد من دخول طائفة من عصاة هذه الأمة النار، لكنه لما قل بالنسبة لما ذهب نزل منزلة العدم، حتى كأنها غفرت جميعها.
وروى أبو داود وغيره: "أمتي هذه أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة، إنما عذابها في الدنيا في الفتن، والزلازل، والقتل، والبلايا"، ونفي عذابها في الآخرة، بمعنى أن من عذب منهم لا يحس بألم النار إلا قليلا؛ كما ورد مرفوعًا: "إذا أدخل الموحدين النار أماتهم فيها إماتة، فإذا أراد أن يخرجهم منها أمسهم ألم العذاب تلك الساعة"، رواه الديلمي ولخفة ألمها، قال صلى الله عليه وسلم: "إنما حر جهنم على أمتي كحر الحمام". رواه الطبراني برجال ثقات، ولا تناقض بين الخبرين؛ لأنها تكون عليهم عند إحيائهم، والأمر بإخراجهم كحر الحمام اللطيف الذي لا يؤذي الجسم ولا يوهنه.
وروى الدارقطني عن ابن عباس رفعه: "إن حظ أمتي من النار طول بلائها تحت التراب" وزعم أن المراد لا عذاب عليها في عموم الأعضاء؛ لأن أعضاء الوضوء لا تمسها النار تكلف مستغنى عنه، وقوله: "الفتن"، أي: الحروب والهرج بينهم، والبلايا التي منها استيفاء الحد ممن فعل موجبه، وعجلت العقوبة على الذنب في الدنيا؛ لأن شأن الأمم السالفة كان يجري على

<<  <  ج: ص:  >  >>