للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومسكن الغوث مكة، فإذا عرضت الحاجة من أمر العامة ابتهل النقباء ثم النجباء ثم الأبدال ثم الأخيار ثم العمد، فإن أجيبوا وإلا ابتهل الغوث، فلا تتم مسألته حتى تجاب دعوته، انتهى.

ومنها أنهم يدخلون قبورهم بذنوبهم، ويخرجون منها.


إبراهيم العراق وقلب عيسى اليماني وقلب محمد له ركن الحجر الأسود. كذا قال وهو مخالف لما سبق أن قلب المصطفى لا يضارعه أحد، فلذا لم يذكر أن أحدًا على قلبه "ومسكن الغوث" وهو القطب الفرد الجامع "مكة" وقيل اليمن، رواه ابن عساكر عن أبي سليمان الداراني، والأصح أن إقامته لا تختص بمكة ولا بغيرها، بل جوال وقلبه طواف في حضرة الحق يقدس لا يخرج من حضرته أبدًا، ويشهده في كل جهة ومن كل جهة مما جاء فيه كما قال بعض المحدثين: خبر أبي نعيم مرفوعًا: "إن لله تعالى في كل بدعة كيد بها الإسلام وأهله، وليًا صالحًا يذب عنه ويتكلم بعلاماته، فاغتنموا حضور تلك المجالس بالذب عن الضعفاء وتوكلوا على الله وكفى بالله وكيلا". "فإذا عرضت الحاجة من أمر العامة ابتهل فيها النقباء، ثم النجباء، ثم الأبدال، ثم الأخيار، ثم العمد فإن أجيبوا" بخصوص تلك الحاجة "وإلا ابتهل الغوث" فلا يخاف ما ورد أن دعوة المؤمن لا ترد، لا سيما وحال هؤلاء يقتضي إجابة دعائهم دائمًا، إلا أن الإجابة قد تكون بخصوص المسئول وقد تكون بغيره، قد تدخر للقيامة، وقد تؤخر الإجابة فتشد الضرورة لحصول المطلوب في ذلك الوقت، فيبتهل الغوث لتنجيز المسئول دفعًا للضرورة ما أمكن، "فلا تتم مسألته حتى تجاب دعوته" لطفًا من الله بعباده, وقد زعم ابن الجوزي أن أحاديث الأبدال كلها موضوعة، ونازعه السيوطي، وقال: خبر الأبدال صحيح وإن شئت قلت: متواترًا يعني: تواترا معنويًّا كما أشار إليه بعده. وقال السخاوي له طرق عن أنس بألفاظ مختلفة كلها ضعيفة، ثم ساق ما ذكره المصنف وزيادة، ثم قال: وأحسن مما تقدم ما رواه أحمد من حديث شريح، يعني: ابن عبيد قال: ذكر أهل الشام عند علي وهو بالعراق، فقالوا: العنهم يا أمير المؤمنين، قال: لا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "البدلاء يكونون بالشام، وهم أربعون رجلا، كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا يستقي بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء، ويصرف عن أهل الشام العذاب". رجاله من رواة الصحيح إلا شريحًا، وهو ثقة، انتهى. وقال السيوطي حديث أخرجه أحمد والطبراني، والحاكم من طرق أكثر من عشرة، انتهى. قال السخاوي: ومما يقوي الحديث ويدل لانتشاره بين الأئمة، قول الشافعي في بعضهم: كنا نعده من الأبدال، وقول البخاري في غيره كانوا لا يشكون أنه من الأبدال، وكذا وصف غيرهما من النقاد والحفاظ والأئمة غير واحد بأنهم من الأبدال، ويقال: ما تغرب الشمس يومًا ويطوف بالبيت رجل من الأبدال، ولا يطلع الفجر من ليلة إلا ويطوف به واحد من الأوتاد، وإذا انقطع ذلك كان سبب رفعه من الأرض.
"ومنها: أنهم يدخلون قبورهم بذنوبهم" غير معرضين عنها ولا تائبين، "ويخرجون منها

<<  <  ج: ص:  >  >>