للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا نهران يطردان، فقال له جبريل: هما النيل والفرات عنصرهما.

والجمع بينهما: أنه رأى هذين النهرين عند سدرة المنتهى مع نهري الجنة، ورآهما في سماء الدنيا دون نهري الجنة، وأراد بـ"العنصر" عنصر انتشارهما بسماء الدنيا كذا قال ابن دحية.

وروى ابن أبي حاتم عن أنس أنه -صلى الله عليه وسلم- بعد أن رأى إبراهيم قال: "ثم انطلق بي على ظهر السماء السابعة، حتى انتهى إلى نهر عليه خيام الياقوت واللؤلؤ والزبرجد، وعليه طير خضر، أنعم طير رأيت، قال جبريل: هذا الكوثر الذي


هذان النهران يا جبريل؟، قال: "هما النيل والفرات، عنصرهما"": بضم العين والصاد المهملتين، أصلهما بدل من النيل والفرات، "والجمع بينهما أنه رأى هذين النهرين عند سدرة المنتهى مع نهري الجنة"، الباطنين، "ورآهما في سماء الدنيا دوزن نهري الجنة وأراد بالعنصر عنصر انتشارهما بسماء الدنيا"، لا أصلهما الحقيقي، فإنه من أصل السدرة، فلا تنافي بين الأحاديث، "كذا قال ابن دحية": كأنه تبرأ منه لعدم تعين ما قال: لجواز أن يراد أصل نبعهما من تحت السدرة، ومقرهما في سماء الدنيا، ومنها ينزلان إلى الأرض، كما تقدم للمصنف، وهو في المعنى قريب من جمع ابن دحية، أو عينه.
وقال النعماني: يجوز أن عنصرهما مبتدأ يتعلق به خبر سابق لم يتقدم له ذكر من حيث اللفظ، لكن من حيث العهد، فيكون المعنى هذا النيل والفرات، فيتم الكلام، ثم يكون عنصرهما ما كنت رأيت عند سدرة المنتهى يا محمد، فاكتفى بهذا العهد السابق عن إعادة الكلام، انتهى وهو مع تعسفه لا يصح؛ لأن رؤيته ذلك في سماء الدنيا قبل رقيه للسدرة فلا عهد هنا.
"وروى ابن أبي حاتم عن أنس، أنه -صلى الله عليه وسلم- بعد أن رأى إبراهيم، قال: "ثم انطلق" جبريل "بي على ظهر السماء السابعة حتى انتهى إلى نهر عليه خيام الياقوت" بخاء معجمة، جمع خيم، كسهم وسهام، وهو مثل الخيمة.
وفي نسخة: جام بالجيم، بلا ياء، أي: إناء والمراد الجنس، فيصدق بالأواني الكثيرة "واللؤلؤ والزبرجد": بفتح الزاي ودال مهملة، جوهر معروف، ويقال: هو الزمرد، "وعليه طير خضر" هو "أنعم"، فهو خبر مبتدأ محذوف، "طير رأيت"، وهو اسم تفضيل من نعم بالضم نعومة؛ لأن ملمسه، يعني أن ملمس هذه الطيور ألين من ملمس سائر الطيور، وفي رواية: أنعم طير أنت راء.
"قال جبريل: هذا الكوثر الذي أعطاك الله، فإذا فيه آنية الذهب والفضة، يجري على

<<  <  ج: ص:  >  >>