"خافت قريش أن تنهدم الكعبة من السيول" فيما حكاه في العيون والفتح عن موسى بن عقبة، قال: إنما حمل قريشًا على بنائها أن السيل أتى من فوق الردم الذي بأعلى مكة فأخربه فخافوا أن يدخلها الماء، وقيل سبب ذلك احتراقها، فروى يعقوب بن سفيان بإسناد صحيح عن الزهري: أن امرأة أجمرت الكعبة فطارت شرارة في ثيابها فأحرقتها، وروى الفاكهي عن عبد الله بن عبيد بن عمير، قال: كانت الكعبة فوق القامة فأرادت قريش رفعها وتسقيفها، وروى ابن راهويه عن علي في حديث: فمر عليه الدهر فبنته قريش، حكاه في الفتح، وقيل: إن السيل دخلها وصدع جدرانها بعد توهينها. وقيل: إن الأنفر أسرقوا حلي الكعبة وغزالين من ذهب، وقيل: غزالا واحدًا مرصعًا بدر وجوهر، وكان في بئر في جوف الكعبة، فأرادوا أن يشيدوا بنيانها ويرفعوه حتى لا يدخلها إلا من شاءوا، وجمع بأنه لا مانع أن سبب بنائهم ذلك كله. وقال شيخنا: يجوز أن خشية هدم السيل حصل من الحريق حتى أوهن بناءها ووجدت السرقة بعد ذلك أيضًا، "فأمروا باقوم بموحدة فألف فقاف مضمومة فواو ساكنة فميم" ويقال: باقول باللام الصحابي؛ كما في الإصابة، "القبطي" بالقاف نسبة إلى القبط نصارى مصر، "مولى سعيد بن العاصي" بن أمية، وفي الإصابة روى ابن عيينة في جامعه عن عمرو بن دينار عن عبيدة بن عمير، قال: اسم الرجل الذي بنى الكعبة لقريش باقوم، وكان روميًا وكان في سفينة حبسها الريح فخرجت إليها قريش وأخذوا خشبها، وقالوا له: ابنها على بناء الكنائس، رجاله ثقات مع إرساله، انتهى. فيحتمل أنهما اشتركا جميعًا في بنائها أو أحدهما بنى والآخر سقف وإنهما واحد وهو رومي في الأصل ونسب إلى القبط حلفًا ونحوه، وهذا هو الظاهر من كلام الإصابة، فإنه بعدما جزم بأنه مولى بني أمية، وذكر الرواية التي صرحت بأنه مولى سعيد منهم ذكر روايتي بنائه الكعبة وعمله المنبر، وقال في آخره: يحتمل أنه الذي عمل المنبر بعد ذلك ولم يقع عنده أنه قبطي وهو يؤدي ما في بعض نسخ المصنف النبطي بفتح النون والموحدة. قال في الفتح: هذه النسبة إلى استنباط الماء واستخراجه وإلى نبيط بن هانب بن أميم بن