فيحتمل أنه كان يستخرج الماء فنسب إليه وإن كان روميًا، ويؤيده قول بعضهم وكان نجارًا بناء فإن من جملة حرف البناء معرفة استخراج الماء من المواضع بأن يقول: الماء يوجد هنا أقرب من هنا فليست بتحريف. "وصانع المنبر الشريف" النبوي المدني في أحد الأقوال كما يجيء إن شاء الله تعالى، وأخرج أبو نعيم بسند ضعيف عن صالح مولى التوءمة: حدثني باقوم مولى سعيد بن العاص، قال: صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم منبرًا من طرفاء الغابة ثلاث درجات المقعد ودرجتين. "بأن يبني الكعبة المعظمة" وذلك أنه كان بسفينة ألقاها الريح بجدة فتحطمت فخرج الوليد بن المغيرة في نفر من قريش إليها، فابتاعوا خشبها وأعدوه لتسقيف الكعبة وكلموا باقوم الرومي في بنائها فقدم معهم. قال ابن إسحاق: وكان بمكة رجل قبطي نجار فهيأ لهم بعض ما يصلحها، قال: فهاب الناس هدمها وفرقوا منه، فقال الوليد بن المغيرة: أنا أبدؤكم في هدمها، فأخذ المعول ثم قام وهو يقول: اللهم لم ترع، بفوقية مضمومة فراء مفتوحة، أي: لم تفزع الكعبة فأضمرها التقدم ذكرها، وهذا أولى من إعادة السهيلي الضمير لله قائلا: لا روع هنا، فينبغي لكن الكلمة تقتضي إظهار قصد البر فيجوز التكلم بها في الإسلام، واستشهد بحديث: "فاغفر فدا لك ما أبقينا"، قال: وفي رواية: لم نزغ، أي: بفتح النون وكسر الزاي وغين معجمة، قال: وهو جلي لا يشكل، أي: لم نمل عن دينك ولا خرجنا عنه، اللهم لا نريد إلا الخير، ثم هدم من ناحية الركنين الأسود واليماني وتربص الناس تلك الليلة، وقالوا: ننظر، فإن أصيب لم نهدم منها شيئًا ورددناها كما كانت وإن لم يصبه شيء هدمنا فقد رضي الله ما صنعنا فأصبح الوليد من ليلته عائدًا إلى عمله فهدم وهدم الناس معه، حتى إذا انتهى الهدم بهم إلى الأساس أساس إبراهيم أفضوا إلى حجارة خضر كالأسمنة جمع سنام، وهو أعلى الظهر للبعير، ومن رواه كالأسنة جمع سنان شبهها بالأسنة في الخضرة أخذ بعضها ببعض فأدخل رجل ممن كان يهدم عتلته بين حجرين منها ليقلع بها بعضها، فلما تحرك الحجر تنغصت مكة بأسرها وأبصر القوم برقة خرجت من تحت الحجر كادت تخطف بصر الرجل، فانتهوا عن ذلك الأساس وبنوا عليه. وفي رواية: لما شرعوا في نقض البناء خرجت عليهم الحية التي كانت في بطنها تحرسها سوداء البطن، فمنعتهم من ذلك فاعتزلوا عند مقام إبراهيم فتشاوروا، فقال لهم الوليد: ألستم تريدون بها الإصلاح؛ قالوا: بلى، قال: فإن الله لا يهلك المصلحين ولكن لا تدخلوا في