"وقد بنيت هذه الآية، وكذا قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} ، بتخصيص كل منهم بفضيلة، كموسى بالكلام، وإبراهيم بالخلة، ومحمد بالإسراء، وسليمان بالملك، "أن مراتب الأنبياء والرسل" وفي نسخة: الرسل والأنبياء، أي: الذين ليسوا برسل أو هو عطف عام على خاص، "متفاوتة، خلافًا للمعتزلة القائلين؛ بأنه لا فضل لبعضهم على بعض، وفي هاتين الآيتين" {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [الإسراء: ٥٥] ، و {لَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} ، "رد عليهم" على سبيل الصراحة، وقال قوم: آدم أفضل لحق الأبوة" وليس بشيء؛ لأنها بمجردها لا تقتضي فضله عليهم مطلقًا، وكم من فرع فضل أصله لخصوصيات شرف بها على الأصل، بل كثيرًا ما تشرف الأصول بفرعها: وكم أب قد علا بابن ذوي شرف ... كما علا برسول الله عدنان "وتوقف بعضهم" لتعارض الأدلة عليه، "فقال: السكوت أفضل" لعدم القاطع عند ذا البعض، "والمعتمد ما عليه جماهير السلف والخلئف، أن الرسل أفضل من الأنبياء"؛ لأن الرسالة تثمر هداية الأمة، والنبوة قاصرة على النبي، كالعلم والعبادة، خلافًا لمن قال: النبي أفضل؛ لأن النبوة الوحي بمعرفته تعالى وصفاته، فهي متعلقة به من طرفيها، والرسالة: الأمر بالتبليغ، فهي متعلقة به من أحد الطرفين، وأجيب بأنها تستلزم النبوة، فهي مشتملة عليها؛ لأنها كالرسول، وأخص من النبوة التي هي أعم، كالنبي.