للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بعض أهل العلم -فيما حكاه القاضي عياض-: والتفضيل المراد لهم هنا في الدنيا، وذلك بثلاثة أحوال: أن تكون آياته ومعجزاته أظزهر وأشهر، أو تكون أمته أزكى وأكثر، أو يكون في ذاته أفضل وأظهر، وفضله في ذاته راجع إلى ما خصه الله تعالى به من كرامته واختصاصه من كلام أو خلة أو رؤية أو ما شاء الله من ألطافه، وتحف ولايته واختصاصه، انتهى.

فلا مرية أن آيات نبينا صلى الله عليه وسلم ومعجزاته أظهر وأبهر وأكثر وأبقى وأقوى، ومنصبه أعلى ودولته أعظم وأوفر وذاته أفضل وأظهر، وخصوصياته على جميع


"وكذلك الرسل بعضهم أفضل من بعض بشهادة هاتين الآيتين وغيرهما، قال بعض أهل العلم" بالكتاب والسنة، "فيما حكاه القاضي عياض" في الشفاء: "والتفضيل المراد لهم هنا" عطف على مقدار وعلى ما تقدم، وهنا إشارة لما ذكر قبله "في الدنيا" متعلق بالتفضيل، "وذلك بثلاثة أحوال" وفي نسخة أوجه، "أن تكون آياته ومعجزاته أظهر" وفي نسخة أبهر، أي: أقوى، وأغلب من بهر ضوء القمر الكواكب عليها، أو هو بمعنى أظهر "وأشهر" كانشقاق القمر، وانفلاق البحر، وانقلاب العصا حية، "أو تكون" بالنصب "أمته أزكى" أتقى وأطهر لبعدهم عن التلبس بما لا يليق، "وأكثر" من غيرهم، "أو يكون في ذاته أفضل" بزيادة علمه وخصاله المحمودة، "وأظهر" بمعجمة، أي: أشهر، وبمهملة أتقى وأنقى، "وفضله في ذاته" ونفسه "راجع إلى ما خصه الله تعالى به من كرامته" أي: إكرام الله له بما آثر، ومناقب عظيمة وهبها له، "واختصاصه" بالجر معطوف على مدخول إلى "من كلام" بلا واسطة لموسى والمصطفى، وهو بيان لاختصاصه بمعنى ما خصه به، "أو خلة" لإبراهيم والمصطفى، "أو رؤية" عيانًا لنبينا صلى الله عليه وسلم، "أو ما شاء الله" أراده لهم غير ما ذكر "من ألطافه" بفتح الهمزة، أي: عطاياه، "وتحف" بفاء، آخره "ولايته" أي: تحف أولاها لهم، هكذا في الشفاء، بالفاء فقط، وفسرها شارحها بما ذكر.
وقال شيخنا: كان المراد بها ما ميز به تعالى ولايته عن ولاية غيره من الخواص والمزايا التي لم تثبت لغيره.
وفي بعض نسخ المصنف: وتحقق ولايته بقافين، أي: ثبوتها بلا ريبة ولا تردد، لكثرة الأدلة المثبتة لها، "واختصاصه" بما اختصهم به من قرة أعين لا يعلمها إلا هو. "انتهى".
"فلا مرية" "بالكسر"، لا شك "أن آيات نبينا ومعجزاته أظهر وأبهر" بموحدة، أغلب، "وأكثر وأبقى" بالموحدة، "وأقوى" أشد، "ومنصبه" حسبه وشرفه "أعلى، ودولته أعظم وأوفر، وذاته أفضل وأظهر" بالمهملة، "وخصوصياته على جميع الأنبياء أشهر من أن تذكر".

<<  <  ج: ص:  >  >>