"وفي حديث أنس عند الترمذي" مرفوعًا: "أنا أول الناس خروجًا، إذا بعثوا، وأنا خطيبهم إذا وفدوا، وأنا مبشرهم إذا أيسوا، لواء الحمد يومئذ بيدي" "وأنا أكرم ولد آدم يومئذ على ربي" إخبار بما منحه من السودد والإكرام، وتحدث بمزيد الفضل والإنعام "ولا فخر" حال مؤكدة، أي أقول ذلك غير مفتخر به فخر تكبر، أتى به دفعًا لتوهم إرادة الافتخار به. قال القرطبي: إنما قال ذلك؛ لأنه مما أمر بتبليغه لما يترتب عليه من وجوب اعتقاد ذلك، وأنه حق في نفسه، وليرغب في الدخول في دينه، ويتمسك به من دخل فيه، ولتعظيم محبته في قلوب متبعيه، فتكثر أعمالهم وتطيب أحوالهم، ويحصل لهم شرف الدنيا والآخرة؛ لأن شرف المتبوع متعد لشرف التابع. "لكن هذا لا يدل على كونه أفضل من آدم، بل من أولاده، فالاستدلال بذلك على مطلق أفضليته عليه السلام على الأنبياء كلهم ضعيف" تبع التفتازاني في شرح العقائد، وقد تعقب بأن المراد سيد جنس الآدميين، فلا يخرج آدم؛ لأن المراد من ولد آدم كافة البشر، بدليل قوله في حديث أبي هريرة: "أنا سيد الناس"، وقوله في حديث أبي سعيد: آدم، فمن سواه إلا تحت لوائي، وقد لوح المصنف بعد قليل بمعنى هذا التعقب بقوله، وهذا يدل على أنه أفضل من آدم، وبأن دخول آدم أولوي؛ لأن في ولده من هو أفضل منه، وبأن ذلك من الأسلوب العربي على