للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدل الشيخ سعد الدين التفتازاني لمطلق أفضليته عليه الصلاة والسلام بقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠] قال: لأنه لا شك أن خيرية الأمم بحسب كمالهم في الدين، وذلك تابع لكمال نبيهم الذي يتبعونه.

واستدل له الفخر الرازي -في المعالم- بأنه تعالى وصف الأنبياء بالأوصاف الحميدة، ثم قال لمحمد صلى الله عليه وسلم: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: ٩٠] ، فأمره أن يقتدي بأثرهم، فيكون إتيانه به واجبًا، وإلا فيكون تاركًا للأمر، وإذا


حد {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} [سبأ: ١٣] ، لدخول داود لزومًا، أو قصدًا، وعبر عنه بذلك لإرادة التنصيص على دخول آله معه.
"واستدل الشيخ سعد الدين" مسعود بن عمر بن عبد الله "التفتازاني" الشافعي، قال الحافظ في الدرر الكامنة: ولد سنة ست عشرة وسبعمائة، وأخذ عن القطب والعضد، وتقدم في الفنون، واشتهر ذكره وطار صيته، وله تصانيف انتفع بها الناس، مات بسمرقند سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، "لمطلق أفضليته عليه الصلاة والسلام" عى جميع الأنبياء، "بقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠] ، قال: لأنه لا شك أن خيرية الأمم بحسب كمالهم في الدين، وذلك تابع لكمال نبيهم الذي يتبعونه" وهذا إنما ذكره التفتازاني سندًا للإجماع على فضل المصطفى، وتعقب، بأنه لا يصح سندًا له؛ لأن خيريتهم في الدنيا بزيادة نفعهم، للغير لحديث: "خير الناس أنفعهم للناس"، وهذا هو الظاهر لحديث البخاري، عن أبي هريرة، قال في الناس: "ناس يأتون بهم والسلاسل في أعناقهم حتى يدخلون الإسلام"، وخيريتهم في الآخرة، بكثرة ثوابه لحديث البخاري: "لكم الأجر مرتين"، فغضبت اليهود والنصارى، وقالوا: نحن أكثر عملًا وأقل عطاء"، والسر في ذلك؛ أنهم صدقوا الأنبياء كلهم بخلاف جميع الأمم، فإنما صدق كل منهم نبيه ومن قبله، كما نبه عليه صلى الله عليه وسلم بقوله لهرقل: "أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين".
قال الكرماني وغيره: مرة للإيمان بنبيهم، ومرة للإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، والخيرية بأحد هذين المعنيين للأمة لا تدل على أفضلية رسولهم. انتهى، وفيه تأمل.
"واستدل له الفخر الرازي في المعالم" أي: معالم التنزيل، اسم تفسيره، "بأنه تعالى وصف الأنبياء بالأوصاف الحميدة" في سورة الأنعام، "ثم قال لمحمد صلى الله عليه وسلم:
{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى} هم {اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ} طريقهم التوحيد والصبر، {اقْتَدِهِ} "بهاء السكت" وقفًا ووصلًا وفي قراءة بحذفها وصلًا، "فأمره أن يقتدي بأثرهم، فيكون إتيانه به واجبًا، وإلا

<<  <  ج: ص:  >  >>