للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتى بجميع ما أتوا به من الخصال الحميدة فقد اجتمع فيه ما كان متفرقًا فيهم، فيكون أفضل منهم، وبأن: دعوته عليه الصلاة والسلام في التوحيد والعبادة وصلت إلى أكثر بلاد العالم بخلاف سائر الأنبياء، فظهر أن انتفاع أهل الدنيا بدعوته صلى الله عليه وسلم أكل من انتفاع سائر الأمم بدعوة سائر الأنبياء، فوجب أن يكون أفضل من سائر الأنبياء. انتهى.

وقد روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال قال صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي آدم فمن سواه إلا


فيكون تاركًا للأمر" وهو محال، "وإذا أتى بجميع ما أتوا به من الخصال الحميدة، فقد اجتمع فيه ما كان متفرقًا فيهم، فيكون أفضل منهم"؛ لأن الواحد إذا فعل مثل فعل الجماعة كان أفضل منهم، قيل عليه: لا شك أنه أفضل من كل واحد منهم، ومن الجميع أيضًا، لكن في هذا الدليل خفاء؛ لأنه لا يلزم من إتيانه بكل ما أتى به كل واحد منهم إلا مساواته للمجموع، لا أفضليته عليهم، وكأنه الداعي للعز بن عبد السلام على قوله: "إنه أفضل من كل واحد منهم، لا من جميعهم، فتمالأ جماعة من علماء عصره على تكفيره، فعصمه الله، بل قد يتوقف في المساواة أيضًا؛ لأنك لو أنعمت على أربعة فأعطيت واحدًا دينارًا، وآخر دينارين، وآخر ثلاثة، وآخر أربعة، لزاد صاحب الأربعة على كل واحد دون جميع ما لغيره، ولو أعطيته ستة لساواهم، ولو أعطيته عشرة زاد عليهم، فينبغي أن يقال: إنه صلى الله عليه وسلم ساواهم في العمل، وزاد عليهم، بأنه أعلم منهم بالله، وأكثر من جميعهم خصائص ومعجزات، وهذا التفضيل في القرب والمنزلة، وهو أكثر ثوابًا، وأمته أكثر من جميع الأمم، وأجرهم له إلى يوم القيامة، ولو كانت للناس مساكن بعضها فوق بعض، لكان الذي فوق الأخير أعلى من الجميع، وفي آية تلك الرسل إيماء لهذا، حيث أبهم وعبر برفع الدرجات دون أن يسميه، ويقول: إنه أعظم وأفضل. انتهى.
"وبأن دعوته عليه الصلاة والسلام في التوحيد والعبادة، وصلت إلى أكثر بلاد العالم، بخلاف سائر الأنبياء، فظهر أن انتفاع أهل الدنيا بدعوته صلى الله عليه وسلم أكمل من انتفاع سائر الأمم بدعوة سائر الأنبياء، فوجب أن يكون أفضل من سائر الأنبياء. انتهى" استدلال الرازي.
"وقد روى الترمذي" وقال: حسن صحيح، وأحمد وابن ماجه، وصححه الحاكم "عن أبي سعيد الخدري، قال: قال صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة" خصه؛ لأنه يوم مجموع له الناس، فيظهر سودده لكل أحد عيانًا ووصف نفسه بالسودد، المطلئق المفيد، للعموم في المقام الخطابي، فيفيد سيادته على جميع أولاد آدم حتى أولي العزم واحتياجهم إليه، وتخصيص ولد

<<  <  ج: ص:  >  >>