للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيمان بما أنزل إليهم والتصديق بأنهم رسل الله وأنبياؤه، والتسوية بينهم في هذا لا تمنع أن يكون بعضهم أفضل من بعض.

وأجابوا عن الأحاديث بأجوبة.

فقال بعضهم: أن نعتقد أن الله تعالى فضل بعضهم على بعض في الجملة، ونكف عن الخوض في تفصيل التفضيل بآرائنا، قال ابن ظفر: فإن أراد هذا القائل: إنا نكف عن الخوض في تفصيل التفضيل بآرائنا فصحيح، وإن أراد أنا لا نذكر في ذلك ما فهمناه من كتاب الله وروي لنا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقيم.


أنزل إليهم، والتصديق بأنهم رسل الله وأنبياؤه" عطف عام على خاص، على أن الرسول أخص من النبي، ومرادف على تساويهما، وإن كلا منهما إنسان أوحى إليه بشرع، وأمر بتبليغه، أو المعنى التصديق بأن منهم رسلًا وأنبياء ليسوا برسل، "والتسوية بينهم في هذا" المذكور من الإيمان بما أنزل إلخ، "لا تمنع أن يكون بعضهم أفضل من بعض" كما هو نص الآيتين بسبب خواص ترجع من قامت به على غيره بالنظر، لتلك الخصوصية.
"وأجابوا عن الأحاديث بأجوبة" سبعة أو ثمانية، "فقال بعضهم: أن" مخففة من الثقيلة، "نعتقد" بالرفع، أي: إنا نعتقد "أن الله تعالى فضل بعضهم على بعض في الجملة" وجاز حذف اللام مما دخلت عليه لظهور المراد، كقوله: إن الحق لا يخفى على ذي بصيرة، ولكن عدم الفصل بينها وبين الفعل الغير الناسخ نادر، والمضارع أندر من الماضي، كما في: أن يزينك لنفسك وأن يشينك لهيه، ويحتمل قراءته بفتح الهمزة، "ونكف" نمتنع "عن الخوض في تفصيل" تبيين "التفصيل بآرائنا"؛ لأنه هجوم على عظيم.
"قال ابن ظفر: فإن أراد هذا القائل: إنا نكف عن الخوض في تفصيل التفضيل بآرائنا" المجردة عن فهم كتاب، أو سنة، "فصحيح"، وبهذا الإيراد إن هذا عين ما قاله ذلك البعض، فكيف يجعله احتمالًا فيه.
"وإن أراد أنا لا نذكر في ذلك ما فهمناه من كتاب الله، وروي لنا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم" وهو رأى أيضًا، لكن في فهم الدليل من غير أن تكون دلالته عليه قطعية، "فسقيم" أي: ضعيف؛ لأن الأخبار على غلبة الظن، وما أدى إليه الاجتهاد لا يمتنع، ومحصله أن التفضيل بالرأي: المحض مجمع على منعه، وبالدليل لا وجه لمنعه، وما أحسن اختصار الحافظ لهذا بقوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>