ذكر القرطبي في التذكرة: أن القاضي أبا بكر بن العربي، قال: أخبرني غير واحد أن إمام الحرمين سئل هل الباري في جهة؟، فقال: لا هو متعال عن ذلك، قيل: ما الدليل عليه؟، قال: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تفضلوني على يونس بن متى"، قيل: ما وجه الدليل منه؟، قال: لا أقول حتى يأخذ ضيفي هذا ألف دينار يقضي بها دينًا، فقام رجلان، فقالا: هي علينا، فقال: لا يتبع بها اثنين؛ أنه يشق عليه، فقال واحد: هي علي، فقال: إن يونس رمى بنفسه في البحر، فالتقمه الحوت، وصار في قعر البحر في ظلمات ثلاث، ونادى: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، كما أخبر الله، ولم يكن محمد صلى الله عليه وسلم حين جلس على الرفرف الأخضر، وارتقى به صعدًا حتى انتهى به إلى موضع يسمع فيه صريف الأقلام، وناجاه بما ناجاه، وأوحى إليه ما أوحى بأقرب إلى الله من يونس في ظلمة البحر، فالله سبحانه قريب من عباده، يسمع دعاءهم ولا يخفى عليه حالهم، كيفما تصرفت من غير مسافة بينه وبينهم. انتهى. "وقال ابن المنير" في معراجه: "إن قلت: إن لم يفضل" نبينا صلى الله عليه سولم "على يونس باعتبار استواء الجهتين بالنسبة إلى وجود الحق تعالى، فقد فضله باعتبار تفاوت الجهتين في تفضيل الحق" سبحانه، "فإنه تعالى فضل الملأ الأعلى" أي: السماوات "على الحضيض الأنى" أي: الأرض عند الأكثرين؛ لأنه لم يعص فيها، ومعصية إبليس لم تكن فيها، أو وقعت نادرة، فلم يلتفت إليها، وقيل: الأرض أفضل؛ لأنها مستقر الأنبياء ومدفنهم، ونسب للأكثر أيضًا،